لوس أنجلوس تواجه أزمة خانقة.. احتجاجات كبيرة وانتشار للقوات البحرية.

تعيش مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، حالة من التوتر غير المسبوق، حيث اندلعت مظاهرات حاشدة فى مختلف أحيائها احتجاجًا على سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب فى مجال الهجرة، مما دفع السلطات الفيدرالية إلى نشر قوات المارينز لأول مرة منذ أكثر من ٣٠ عامًا.
بدأت الاحتجاجات فى السادس من يونيو ٢٠٢٥ بعد سلسلة من عمليات التفتيش والاعتقالات التى نفذتها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ICE، والتى استهدفت بشكل خاص الأحياء ذات الكثافة السكانية اللاتينية مثل باراماونت وكومبتون، وأسفرت هذه العمليات عن اعتقال أكثر من ١٠٠ شخص، مما أثار موجة من الغضب الشعبي.
وفى مواجهة تصاعد الاحتجاجات، قرر الرئيس ترامب نشر حوالى ٧٠٠ من قوات المارينز لدعم قوات الحرس الوطنى فى المدينة. وقد قوبل هذا القرار بانتقادات حادة من قبل حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، الذى وصفه بأنه “غير دستوري” و”تجاوز للسلطة”. كما أعلن عن رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية للطعن فى شرعية هذا التدخل العسكري.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن نشر المارينز يهدف إلى حماية الممتلكات الفيدرالية وضمان تطبيق القانون، مشيرة إلى أن القوات ستقتصر مهمتها على هذه الأهداف ما لم يتم تفعيل “قانون التمرد” (Insurrection Act) الذى يسمح باستخدام القوات المسلحة ضد المدنيين.
وفى الوقت الذى تواصل فيه الاحتجاجات فى لوس أنجلوس، امتدت إلى مدن أخرى مثل سان فرانسيسكو وأوستن ونيويورك، مما يعكس اتساع نطاق الغضب الشعبى ضد سياسات الهجرة الحالية. وقد شهدت المظاهرات أعمال شغب ونهب، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمنى فى البلاد.
وتأتى هذه الأحداث فى وقت حساس، حيث يواجه الرئيس ترامب، تحديات سياسية وقانونية داخلية، بالإضافة إلى انتقادات دولية بشأن حقوق الإنسان. ويبقى السؤال: هل ستتمكن لوس أنجلوس من استعادة هدوئها، أم أن هذه الأزمة ستفتح الباب لمزيد من التدخلات العسكرية فى الشئون المدنية؟
وفى تطور مثير للجدل يعكس حالة الانقسام السياسى والاجتماعى فى الولايات المتحدة، تستعد مدينة لوس أنجلوس لاستقبال دفعات جديدة من القوات الفيدرالية، وسط احتجاجات واسعة واستياء متزايد من الطريقة التى تتعامل بها الإدارة الأمريكية مع الأزمة الداخلية.
ووصف العديد من المراقبين والمشرعين هذه الأزمة بأنها أزمة من صنع الرئيس دونالد ترامب نفسه.
تعزيزات أمنية وسط اضطرابات
وبحسب مصادر رسمية، فإن وزارة الأمن الداخلى بالتنسيق مع وزارة الدفاع، أصدرت أوامر بإرسال وحدات إضافية من الحرس الوطنى والقوات الفيدرالية إلى لوس أنجلوس، فى خطوة تهدف، بحسب المسؤولين، إلى “حماية الممتلكات العامة والحفاظ على الأمن والنظام.
وتأتى هذه الخطوة فى أعقاب موجة من التظاهرات التى اجتاحت المدينة على خلفية قضايا العدالة العرقية، ووحشية الشرطة، وسياسات الهجرة المتشددة.
انتقادات سياسية واسعة
أعضاء فى الكونجرس عن ولاية كاليفورنيا ومجلس مدينة لوس أنجلوس عبروا عن رفضهم لهذه الخطوة، واعتبروها تصعيدًا غير مبرر للأزمة، ومحاولة لتحويل الأنظار عن إخفاقات الإدارة الفيدرالية فى معالجة جذور الاحتجاجات.
وقالت النائبة الديمقراطية “كارين باس”: إنه بدلاً من الاستماع لمطالب الشارع والعمل على إصلاح حقيقي، يرسل ترامب القوات كما لو أن بلادنا ساحة معركة، وهذه الأزمة لم يخلقها الشارع، بل خلقتها السياسات الخاطئة لرئيس يفضل المواجهة على الحوار.
تحذيرات من عسكرة المدن
منظمات حقوقية ومحامون أعربوا عن خشيتهم من أن تؤدى هذه الإجراءات إلى عسكرة الحياة المدنية، وتقويض الحريات الأساسية المكفولة بموجب الدستور. كما أشار البعض إلى أن وجود القوات الفيدرالية قد يؤدى إلى تفاقم الوضع بدل تهدئته.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش فى بيان لها: إن إرسال قوات مدججة بالسلاح إلى مدن تشهد احتجاجات سلمية غالبًا ما يؤدى إلى تأجيج التوترات بدلًا من نزع فتيلها.
ترامب: لن أسمح بالفوضى
ودافع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن قراره بإرسال القوات، مؤكدًا أن مهمته الأولى هى حماية الأمريكيين.
وكتب على حسابه فى منصة تروث سوشيال: «لن أسمح بأن تُحكم مدننا من قبل الغوغاء. لوس أنجلوس ستعود إلى القانون والنظام مهما كلف الأمر».
المشهد القادم غامض
ومع تصاعد التوترات فى مختلف المدن الأمريكية، وتزايد القلق من أن تؤدى هذه التحركات إلى موجة جديدة من الاضطرابات، تبقى الأسئلة قائمة حول فعالية السياسات الأمنية المتبعة، وقدرة البلاد على الخروج من أزمتها الحالية دون مزيد من الانقسام.