منير أديب يكتب: التجدد المستمر للجماعات الإسلامية في ظل الاضطرابات السياسية

منير أديب يكتب: التجدد المستمر للجماعات الإسلامية في ظل الاضطرابات السياسية

لا أحد يُنكر تأثير التواترات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية أو حتى العالم على عودة التنظيمات الإسلاموية؛ فبيئة الفوضى تخلق مساحات عودة حقيقية لهذه التنظيمات.

التنظيمات الإسلاموية غالبًا ما تخلق هذه الحالة من أجل العودة، ولعل أبو بكر الناجي في كتابة إدارة التوحش أشار إلى هذه الفكرة المهمة، حتى باتت بمثابة دستور لكل جماعات العنف والتطرف في كل مكان، وهنا طالب هذه التنظيمات بأهمية تنفيذ عمليات إرهابية متعاقبة وقريبة في الزمان والمكان بهدف إحداث الفوضى حتى تصعد عليها هذه التنظيمات.

وفي الحقيقة تنظيمي القاعدة وداعش قد إعتمد هذه الطريقة في تنفيذ عملياتهم الإرهابية، كما أنّ تنظيمات محليّة وإقليمية في المنطقة والإقليم أدركت أهمية تخليق فوضى العودة للمشهد، وهنا اتجهت لتنفيذ عمليات إرهابية في أكثر من مكان في توقيت واحد، كما وضح أبو الناجي في كتابة المشار إليه.

المنطقة العربية تشهد توترات متصاعدة ربما بدءت قبل أكثر من عقد على خلفية ما سُمي بربيع الثورات العربي، وكان هذا الربيع بمثابة عودة لكل هذه التنظيمات التي أطلت من شرفة الحكم في كثير من العواصم العربية؛ هذا الصراع هدأ في عواصم ومازال مشتعلًا في أخرى، ومازالت بعض الدول العربية تُعاني من ارتدادات هذا الصراع قبل أكثر من 10 سنوات.

على كل الأحوال، باتت المنطقة العربية أكثر اشتعالًا مع الحدث المصنوع على يد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الـ 7 من أكتوبر من العام 2023، ولكن ارتدادات ما فعلته حماس مازالت تعيشة المنطقة العربية بأكملها؛ صحيح حماس حركة مقاومة وفصيل فلسطيني يسعى لتحرير أرضة ولا جدال في ذلك، ولكنها ابن شرعي للإخوان المسلمين وهي حركة أيديولوجية.

الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من 20 شهرًا وضعت المنطقة العربية على لهيب ساخن، حيث دخلت فصائل ودول هذا الصراع ودخلت معهم إسرائيل في صراع طويل، بدًا من حزب الله اللبناني وسقوط النظام السوري، الذي لم يكن بعيدًا عن المخطط الإسرائيلي الأمريكي وانتهاءًا بإيران التي تستعد إسرائيل لتوجية ضربة لمنشأتها النووية.

مرت الحرب الإسرائيلية على غزة بمراحل متلاحقة وصعبة ليست على الغزيين فقط ولكن على المنطقة العربية وبعض دولها التي عاشت صدامًا مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تسعى لإقرار مشروع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ولكن تم تصفية المشروع الأمريكي الإسرائيلي بجهود وضغوط عربية.

الملف لم يُغلق ولن يُغلق طالما أنّ الحرب مازالت قائمة، وهنا تستعد إسرائيل لتوجية ضربة جوية لإيران سوف تكون لها عواقبها على المنطقة العربية بأكملها، وبالتالي سوف يفتح القوس لدول أخرى سوف تُشارك في هذا الصراع، كما أنّ الضحايا والخلافات سوف يزداد.

هذه الحالة صنعتها حماس والإخوان المسلمين، وسوف تستفيد منها الجماعة وأتباعها في كل مكان؛ صحيح تم تخليق الحالة على الأراضي الفلسطينية ولكن هذه الحالة تم استغلالها واستثمارها من قبل كل الجماعات الإسلاموية على حد سواء.

التوترات والصراعات عمومًا والحروب على وجه الخصوص تُصبح الجماعات الأيديولوجية فيها رقمًا مهمًا في المعادلة؛ فكما أنها كانت نقطة البداية في اشعال الحروب فإنها بمثابة حطب الوقود الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وهنا يبدو دور هذه التنظيمات والذي تُجيدة للمناسبة.

هذه العودة تبدو واضحة في دول الحروب والصراعات بالسودان واليمن، كما أنها واضحة في العراق وسوريا، وهي أكثر وضوحًا في غزة، وبدأت تتلاقي خيوط هذه التنظيمات مع محاولات عودة هذه التنظيمات في القاهرة، سواء من خلال اغتيال الدولة واظهارها بأنها تقف أمام قافلة الصمود ودعم الشعب الفلسطيني، أو بتقديم أنفسهم على أنهم وقود المعركة التي يبحث عنه كل من يعيش أجواء الحرب.

هنا ندق ناقوس الخطر إزاء عودة التنظيمات الإسلاموية للمشهد السياسي من جديد، نشير أولًا إلى أنّ هذه التنظيمات نجحت في تخليق فيروس العودة، وقد تعود في أي وقت وفي أي مكان، وهنا لابد للعالم أنّ يُدرك خطر الصراع منتبهًا إلى آثارة التي سوف يتضرر منها الجميع شرقُا وغربًا.

خطاب التنظيمات الإسلاموية يُعبر عن الروح التي تُحركه الآن، مازال يلعب على وتر الدين ونصرة القضايا الإسلاميّة والعربيّة حتى يجذب الجهلاء من القوم، رفع شعارات براقة تهم كل المسلمين حتى يجذب أكبر قطاع إليه وحتى تبدو عودته طبيعية ومنطقية وتكون عودة مشرفة في ظرف يحتاج العالم فيه إلى هذه التنظيمات.