أستاذة في علم الاجتماع: زواج شاب مصاب بمتلازمة داون قد يكون نتيجة لرحمة أودعها الله في قلب العروس.

أستاذة في علم الاجتماع: زواج شاب مصاب بمتلازمة داون قد يكون نتيجة لرحمة أودعها الله في قلب العروس.

في خضم الجدل الواسع الذي أثارته واقعة زواج فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا من شاب مصاب بمتلازمة داون، خرجت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، بتصريحات توضح من خلالها الجوانب الاجتماعية والنفسية التي قد تفسّر هذه الزيجة المثيرة للجدل، وتحدد مسؤوليات الأطراف المختلفة، وفي مقدمتهم الأسرة والمجتمع.

وأكدت د. سامية، أن الأسرة تتحمل الدور الأكبر في هذا الزواج، لا سيما إذا تم بالتراضي بين جميع الأطراف، مشيرة إلى أن التراضي لا يعني دائمًا الوعي الكامل بحجم المسؤولية، خاصة في حالة فتاة صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، موضحة: “قد تكون الفتاة فرحت بالشبكة، والشقة، وفستان الزفاف، والاحتفال ذاته، دون أن تدرك أبعاد الحياة الزوجية الحقيقية التي تنتظرها”.

ولفتت إلى أن البيئة الريفية تختلف في تكوين الفتاة ومسؤولياتها، حيث تعتاد بعض الفتيات من صغرهن على المشاركة في الأعمال المنزلية ورعاية الإخوة، ما قد يمنحهن مظهر النضج المبكر، بينما قد تكون أخريات في الثلاثين من أعمارهن ولا يستطعن تحمّل مسؤولية بيت وأسرة، وقالت: “المهم في كل ذلك ألا تكون الفتاة قد أُجبرت على الزواج، وألا تكون قد دخلت هذه العلاقة دون رضاها الكامل”.

وأشارت د. سامية، إلى أن السبب وراء حالة الجدل المجتمعي كان ظهور العروس وهي تبكي في مقطع فيديو من حفل الزفاف، وهو ما دفع كثيرين للاعتقاد بأنها أُجبرت على الزواج، إلا أنها شددت على أهمية الاستماع إلى تصريح العروس نفسها، التي أكدت أنها تحب عريسها، وأنها لم تتعرض لأي ضغط من أسرتها.

وأوضحت أن دموع العروس قد تكون نتيجة لحزنها على تفاصيل لم تكتمل في يومها المنتظر، كغياب الزفة أو التصوير، وليس بالضرورة نتيجة رفض للعريس أو حالته الصحية.

وأكدت د. سامية أن من حق المصابين بمتلازمة داون أن يعيشوا حياة طبيعية، ويتزوجوا، ويُسعدوا بحب ورفقة شريكة حياة، لكن مع ضرورة أن يكون الشريك مدركًا لحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، وقادرًا على التعامل مع طبيعة الشريك النفسية والصحية.

وفي ختام تصريحاتها، شددت على أن هذه الحالة وغيرها تكشف عن ضرورة تفعيل دور الدولة والمجتمع في التوعية قبل الزواج، خاصة في ما يخص الزواج المبكر أو زواج ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن الزواج يجب ألا يُترك للمشاعر وحدها، بل يجب أن يسبقه فحص صحي ونفسي، وتقييم دقيق للأهلية، وتحضير حقيقي لتحمّل أعباء الحياة الزوجية وتربية الأطفال.

وختمت بقولها:”ربما زرع الله في قلب هذه الفتاة حبًا صادقًا لهذا الشاب، وربما كانت رحمة أرسلها له، لكن المسؤولية تبقى جماعية، ويجب ألا يُترك هذا النوع من الزيجات دون رقابة وضمانات نفسية واجتماعية تحمي الجميع”.