بين محدودية الفهم وزواج الفتيات القاصرات.. طبيب نفسي يُشير إلى مخاطر الزواج غير المتكافئ

بين محدودية الفهم وزواج الفتيات القاصرات.. طبيب نفسي يُشير إلى مخاطر الزواج غير المتكافئ

في قضية أثارت الرأي العام، تَفجّرت تساؤلات عديدة حول مدى أهلية زواج تم بين فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا وشاب مصاب بمتلازمة داون، خاصة بعد تداول مقاطع فيديو تظهر العروس بحالة من الحزن، وتفاعل الجمهور ما بين التعاطف والرفض.

وفي هذا السياق، أدلى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، بتصريحات مهمة تسلط الضوء على الجانب الطبي والنفسي لمثل هذه الزيجات، وما تحمله من تبعات إنسانية واجتماعية معقّدة.

وأوضح الدكتور فرويز أن الشخص الطبيعي يمتلك 46 كروموسومًا، بينما يحمل المصاب بمتلازمة داون 47 كروموسومًا، وهذا الخلل الجيني ينعكس على وظائف الجسم والإدراك العقلي، حيث يعاني المصابون عادة من مشكلات في القلب، وضعف بوظائف الرئة، إضافة إلى تدنٍّ في مستوى الفهم والإدراك، ويشير إلى أن معدل الذكاء لدى المصاب بمتلازمة داون غالبًا لا يتجاوز 60 درجة، وهو ما يصنّفهم ضمن فئة القصور العقلي البسيط.

القاصر تبكي في زفافها.. والمجتمع يتساءل حب حقيقي أم بيع علني؟

وأضاف أن هؤلاء الأشخاص، رغم التحديات الصحية والعقلية التي يواجهونها، يمتلكون رغبة جنسية طبيعية تمامًا مثل أي إنسان، لكن استجابتهم لها تكون أحيانًا مصحوبة بحالة من الانفعال أو العصبية، خصوصًا إذا لم يُلبَّ لهم الاحتياج بالشكل المناسب، كما أشار إلى أن المصابين بمتلازمة داون يتميّزون بدرجة عالية من الاعتمادية، إذ يصعب عليهم تدبير شؤون حياتهم دون دعم دائم من الطرف الآخر، وهنا تبرز أهمية وعي الشريك وقدرته على تحمّل تلك المسؤولية.

وتساءل الدكتور فرويز بقلق: “هل الطرف الآخر في العلاقة، وتحديدًا فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، تدرك حجم هذه المسؤولية الثقيلة؟ وهل هي قادرة على التكيّف مع متطلبات زوج يعاني قصورًا إدراكيًا وسلوكيًا؟، وأكد أن زواج فتاة بهذا العمر – وهي لا تزال في مرحلة التكوين العقلي والنفسي – من شخص ذي احتياجات خاصة هو أمر بالغ الخطورة، ليس فقط على المستوى الاجتماعي، بل على الصعيد الصحي والنفسي أيضًا.

زواج طفلة من مصاب بداون.. مسؤولية طبية ونفسية ضاعت في زفة عرفية

ومن ناحية طبية، أشار إلى أن متوسط عمر المصابين بمتلازمة داون قد لا يتجاوز 45 عامًا، وقد يتوفون في الثلاثينيات نتيجة المشاكل المزمنة بالقلب والرئة، أما عن الإنجاب، فأوضح أنهم قادرون من الناحية البيولوجية على الإنجاب، لكن نسبة إنجاب أطفال مصابين بنفس المتلازمة تكون مرتفعة، ما يضاعف من تعقيد الحياة الأسرية.

وشدّد على أن هناك مصابين بمتلازمة داون يتحلّون بقدر كبير من الطيبة والهدوء والحنان، إلا أن هذا يتوقف بدرجة كبيرة على بيئة التربية وطريقة تعامل المجتمع معهم، ومع ذلك، تبقى الحقيقة الثابتة أنهم يواجهون صعوبات في الفهم والتقدير، ما يضع عبئًا مضاعفًا على الطرف الآخر في الزواج.

وفي ختام حديثه، أشار الدكتور جمال فرويز إلى أن تزويج فتاة قاصر عرفيًا – فقط لأن القانون لا يسمح بتوثيق الزواج في هذا السن – هو انتهاك صارخ لحقوق الطفولة، ووصف هذا النوع من الزواج بأنه “بيعة وشروة”، حيث يُباع مستقبل الفتاة لأجل مصلحة مادية مؤقتة، في إشارة إلى ما قيل حول طمع والد الفتاة في بيت وأرض، دفعاه إلى تزويج ابنته لمن لا تدرك معنى الزواج ولا أعباءه.