الموساد في قلب إيران: كيف تمكن من التوغل وما سبب تسريب وجوده؟ (فيديو)

مفاجأةٌ صادمة كانت وجود عناصر الموساد على الأرض الإيرانية، في عملية “الأسد الصاعد”، التي أطلقتها إسرائيل ضد إيران. العملية التي طالت أهدافاً عسكرية ونووية في العمق الإيراني، طالت في جزء منها اغتيال شخصيات عسكرية وسياسية كبيرة إلى جانب العلماء النوويين، أبرزهم، حسين سلامي قائد الحرس الثوري، وعلي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، في رسالة واضحة للمرشد الأعلى علي خامنئي، أن عينَ إسرائيل تراك.
مهمة الموساد، كانت تنفيذ سلسلة من عمليات التخريب السرية. مثل تدمير مواقع الصواريخ الاستراتيجية الإيرانية وقدراتها الدفاعية الجوية. وقد انقسمت إلى ثلاث عمليات مختلفة.
العملية الأولى، نشرت وحدات كوماندوس الموساد في وسط إيران، أنظمة أسلحة دقيقة التوجيه في مناطق مفتوحة بالقرب من أنظمة صواريخ أرض-جو الإيرانية. ومع بدء الهجوم الإسرائيلي، وبالتوازي مع هجمات سلاح الجو في جميع أنحاء إيران، تم تفعيلُ هذه الأنظمة، وإطلاق الصواريخ الدقيقة مباشرة على الأهداف دفعةً واحدة وبدقة عالية.
العملية الثانية، نشر الموساد سراً أنظمة وتقنيات هجومية على المركبات، دَمرت أنظمة الدفاع الإيرانية مع بدء الهجوم الإسرائيلي.
أما العملية الثالثة، فأنشأ الموساد في وقت سابق قاعدة طائرات مسيرة متفجرة تم تسللها إلى قلب إيران، وخلال الهجوم الإسرائيلي، تم تفعيل هذه الطائرات وإطلاقُها على منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض الموجودة في قاعدة أشفق آباد قرب طهران.
وبحسب المعلومات، بدأ الموساد، قبل أشهر، بتهريب صواريخ إلى إيران، ونصب سراً أسراباً من الطائرات المسيرة المتفجرة في عمق البلاد، وجهّز قواعده ممهداً الطريق للهجوم الإسرائيلي.
ونسبت صحيفة “واشنطن بوست” إلى شخصين مطلعين على مخطط الطائرات المسيرة المتفجرة بأنه مشابه للعملية الأوكرانية التي دمرت قاذفات استراتيجية روسية هذا الشهر.
تظهر عملية “الأسد الصاعد”، التفوق العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي، والاختراق الأمني والعسكري الكبير للبنية الأمنية والاستخباراتية الإيرانية، وللقيادة السياسية في طهران، على غرار ما حصل لـ”حزب الله” في لبنان، خصوصاً وان وجود عناصر من الموساد في وسط البلاد لا يمكن أن يتم من دون تعاون داخلي وتنسيق مع أشخاص على درجة كبيرة من الاحتراف.
الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب بيار جبور، يقول لـ”النهار”: “موضوع اختراق الموساد الإسرائيلي لايران بالغ الحساسية والتعقيد، يرتبط بأمور استخباراتية وأمنية تُعد من أسرار الدول لا يتم الكشف عنها عادة إلا جزئياً من خلال تقارير إعلامية أو تسريبات نادرة، غالباً لأغراض دعائية أو سياسية، وهي تذكّرنا بأبرز العمليات الإسرائيلية التي نُسب تنفيذها إلى الموساد في الداخل الإيراني، كسرقة الأرشيف النووي الإيراني في العام 2018، وبنيامين نتنياهو أقر شخصياً بأن الموساد نفذ العملية. اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في العام 2020. إضافة إلى تفجيرات منشآت نووية مثل نطنز في عدة مناسبات إلى عدد من التفجيرات الغامضة داخل منشآت نووية في 2020 و 2021”.
ويؤكد جبور أن الموساد يقوم بتجنيد عملاء محليين وهم كثر، والدليل إعلان إيران مراراً عن تفكيك شبكات تجسس تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي وتضم مواطنين ايرانيين.
“عملية خرق إيران تتم عبر عمليات سيبرانية مثل فيروس Stuxnet الذي تم وضعه في أجهزة الطرد في منشأة نطنز في العام 2010، يقول جبور: وهناك اعتقاد سائد عن وجود تعاون بين المعارضين والأقليات التي تعيش في إيران والموساد الإسرائيلي. كما أن الموساد يستخدم شركات وهمية وجوازات سفر أجنبية، وهؤلاء العملاء غالبا ما يتحركون بهويات غير إسرائيلية، إضافة إلى التقنيات المتطورة كالذكاء الاصطناعي والدرون وغيره، حيث يُستخدمون في عمليات الاغتيال والتجسس”.
ويشير إلى أن الكثير من التفاصيل تبقى غير مؤكدة لأن ما يُنشر يكون أحياناً يحتوي على كثير من المبالغات أو يُنشر لأغراض دعائية.
ويعتبر أن “القول إن عناصر الموساد نفذوا العملية قد يكون لتجنب الإعلان عن وجود عملاء لإسرائيل في الداخل، وهذا عمل الاستخبارات في كل أنحاء العالم، خصوصاً أن الاعتماد على هؤلاء المجندين استخباراتياً أساسي لأنهم يعرفون طبيعة البلد، ويملكون حرية الحركة وكيفية التحرك والغوص في التفاصيل”.