كيف يصوّر المقربون من إيران تطورات الحرب؟

كيف يصوّر المقربون من إيران تطورات الحرب؟

مرحلة ما بعدانفجار الاشتباك الايراني – الاسرائيلي ، مختلفة بالتاكيد عما قبلها ، فهذا الانفجار يجسد محطة الذروة في سياق مواجهات طويلة ومتنوعة الاشكال ، اندلعت بين الدولتين منذ ان اطاحت الثورة الاسلامية الايرانية بنظام الشاه الصديق الاقرب لتل ابيب ، ووضعت تلك الثورة في راس قائمة اهدافها معاداة اسرائيل ونصرة القضية الفلسطينية.

 

وفي هذا الاطار ثمة قرءاة يتبناها البعض مفادها ان ايران كانت تعتمد”اذرعها ” المتعددة جدارا لتقارع من خلفه  اسرائيل ، لكن نتائج حرب اسناد غزة التي تطوع لها حزب الله ثم سقوط نظام بشار  الاسد الحليف لطهران وانكفاء المجموعات العراقية الموالية لطهران عن اي فعل ، وضع طهران وجها لوجه مع اسرائيل فكان لابد ان تنفجر هذه المواجهة المؤجلة خصوصا ان تل ابيب تعتبر ان توجيه ضربة قاصمة لايران بات امرا لامفر منه لكي تنهي تماما ما افرزته عملية طوفان الاقصى من نتائج على إسرائيل نفسها ، فكان ان بدأت تل ابيب هجومها الكبير صبيحة الجمعة على طهران ومدن ومواقع ايرانية اخرى ونجحت في تصفية اكثر عشرات كبار القيادات العسكرية الايرانية .

 

وحيال كل هذه التطورات يبقى السؤال المحوري ماذا بعد ، وكيف يقرأ المقربون من ايران مسار الامور ؟ 

 

لاينفي الباحث والخبير في الملف الايراني الدكتور طلال عتريسي فرضية ان ثمة واقعا مختلفا تماما قد فرض نفسه منذ لحظة ارسال تل ابيب طائراتها فوق ايران واطلاق غاراتها المدمرة ، لكنه يرى ان فرضية ” انكسار ” ايران ليست بالضرورة هي نهاية المواجهة ويقول ل ” النهار ” : اذا كان صحيحا ان الشعور بفائض القوة لدى اسرائيل قد دفعها الى فتح ابواب المواجهة المؤجلة على مصراعيها مع ايران ، فان ذلك لايعني ان مسار الاحداث وتطورها سيكون لمصلحة تل ابيب او ان بامكانها ان تلحق بها هزيمة .

 

تظهر هذه الصورة من الجو مبانٍ مدمرة في موقع أصيب بصاروخ أطلق من إيران في مدينة رمات غان الإسرائيلية بالقرب من تل أبيب (أ ف ب).

 

 

ويضيف انه بعد ان بدات صواريخ طهران تنهمر بالمئات على قلب الكيان النابض عشية الجمعة الماضي بدا واضحا ان ثمة واقعا مختلفا ، سيعود بالفائدة على طهران .ومن بين ابرز معالم هذا الواقع:

 

ان طهران استعادت قوة الردع بعدما عاش كثر من انصارها على اعصابهم وهو يرون بام العين الطائرات الاسرائيلية تجوب سماء طهران ومدنا اخرى وتقصف المواقع والمراكز الاستراتيجية وتصفي العشرات من قادتها العسكريين .فالرد الايراني باعتراف اسرائيل ودوائر اميركية لم يكن ردا اعتباطيا ان لجهة دقة الاصابات او اتساع بنك الاهداف .

 

نقطة اخرى يستطرد عتريسي وهي ان اسرائيل المحدودة المساحة لايمكنها تحمل الضربات المتتالية على تل ابيب ومنطقتها الحيوية ومدن اخرى على النحو الذي عايناه اخيرا ، في حين ان موقع ايران يجعلها قادرة على تحمل الضربات الجوية ،وليس مبالغة اذا قلنا ان ثمة مدنا ومناطق ايرانية تناى بنفسها تماما عن هذه الحرب ولاتشعر بها في حين ان الامر مغاير في اسرائيل اذ يتعين على كل سكانها النزول الى المخابىء عند اول ضربة .
وفي تقديرنا ، يضيف عتريسي ان واقع الحال هذا سيكون ايضا من العوامل التي تدفع اسرائيل الى تقصير امد الحرب واذا كان البعض يرد بان اسرائيل تخوض مواجهات مع الفلسطينيين منذ اكثر من 20 شهرا فالاجابة ان الامر مختلف فغالبية التجمعات السكانية الاسرائيلية هي خارج دائرة الصراع مع الفلسطينيين ، بينما الصواريخ الايرانية بالامكان ان تطاول كل اسرائيل وتلحق بها الاذى .

 

وعن صحة ما يقال بان اسرائيل هي من بادر الى فتح هذه الحرب مع ايران لحساب مصالحها وحساباتها الخاصة او لكي تشاغب على مسار المفاوضات بين طهران  وواشنطن يعتبر عتريسي ان هذه فرضية ضعيفة ، فقد يكون مسموحا لاسرائيل ان تمارس بعض المشاغبات على الاميركي لكن الامر ممنوع في المسائل الاستراتيجية ، وبالتالي لايمكن لتل ابيب التصرف من دون ضوء اخضر اميركي .ولنا في التصريحات الاميركية المؤيدة للهجمات على ايران شواهد وادلة .

 

اضاف بناء عليه نشكك في الحديث عن حرب مفتوحة بين ايران وإسرائيل .