الحوثي بمفرده في ‘محور المقاومة’… ما سبب ابتعاد وكلاء إيران الآخرين عن الصراع مع إسرائيل؟

لطالما اعتُبر حزب الله خط الدفاع الأول لإيران في حال نشوب حرب مع إسرائيل. لكن منذ أن شنت إسرائيل هجومها المكثف على إيران هذا الأسبوع، ظل الحزب بعيداً عن الصراع.
كما التزمت شبكة من الميليشيات القوية المدعومة من إيران في العراق الصمت في الغالب، على الرغم من أن إسرائيل استخدمت، جزئيًا، المجال الجوي العراقي لتنفيذ الهجمات.
وتقول وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير لها، إن المخاوف السياسية الداخلية، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي تكبدوها خلال ما يقرب من عامين من الصراعات والاضطرابات الإقليمية، يبدو أنها دفعت حلفاء إيران إلى التراجع في الجولة الأخيرة التي هزت المنطقة.
“محور المقاومة”
وإضافة إلى “حزب الله”، يشمل حلفاء إيران أيضًا الميليشيات الشيعية العراقية والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى حركة حماس.
في وقت ما، كان يُعتقد أن حزب الله يمتلك حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، وقد تفاخر الأمين العام السابق للحزب، حسن نصر الله، ذات مرة بامتلاكه 100 ألف مقاتل.
وسعيًا لمساعدة حليفته حماس في أعقاب هجوم المسلحين الفلسطينيين في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل والهجوم الإسرائيلي على غزة، بدأ حزب الله في إطلاق الصواريخ عبر الحدود. أدى ذلك إلى غارات جوية وقصف إسرائيلي، وتصاعدت حدة الاشتباكات إلى حرب شاملة في أيلول/سبتمبر الماضي.
وألحقت إسرائيل أضرارًا جسيمة بحزب الله، حيث قتلت نصر الله وقادته الكبار، ودمرت جزءًا كبيرًا من ترسانته، قبل أن يُوقف اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة ذلك الصراع في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. لا تزال إسرائيل تحتل أجزاء من جنوب لبنان وتشن غارات جوية شبه يومية.
من جانبها، قصفت الميليشيات العراقية أحيانًا قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا، بينما أطلق الحوثيون في اليمن النار على سفن في البحر الأحمر، وهو طريق تجاري عالمي حيوي، وبدأوا باستهداف إسرائيل.
والجمعة، ندد حزب الله وزعيمه نعيم قاسم الهجمات الإسرائيلية، وقدم تعازيه في مقتل كبار الضباط الإيرانيين.
لكن قاسم لم يُشر إلى أن حزب الله سيشارك في أي رد انتقامي ضد إسرائيل.
وأصدرت ميليشيا كتائب حزب الله العراقية – وهي جماعة منفصلة عن حزب الله اللبناني – بيانًا أعربت فيه عن “أسفها العميق” لإطلاق إسرائيل النار على إيران من المجال الجوي العراقي، وهو الأمر الذي اشتكت منه بغداد إلى مجلس الأمن الدولي.
ودعت الميليشيا العراقية حكومة بغداد إلى “طرد القوات المعادية من البلاد على وجه السرعة”، في إشارة إلى القوات الأميركية في العراق كجزء من الحرب ضد “داعش”، لكنها لم تهدد باستخدام القوة.
ويذكر أن معارك العام الماضي أضعفت “حزب الله”، وبعد أن فقد طريق إمداد رئيسيًا للأسلحة الإيرانية مع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، حليفه الرئيسي، في هجوم خاطف شنه المتمردون في كانون الأول (ديسمبر).
قال أندرياس كريغ، المحلل العسكري والأستاذ المشارك في كلية كينغز كوليدج لندن: “لقد تراجع حزب الله على المستوى الاستراتيجي، بينما انقطعت عنه سلاسل الإمداد في سوريا”.
تغير في الموقف تجاه إيران
يعتقد العديد من أعضاء حزب الله أنهم “ضحوا بأنفسهم من أجل مصالح إيران الإقليمية الكبرى” منذ أن أشعل هجوم حماس على إسرائيل الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، ويريدون التركيز على المصالح “المتمركزة حول لبنان” بدلاً من الدفاع عن إيران، وفقًا لكريغ.
مع ذلك، رأى قاسم قصير، المحلل اللبناني المقرب من حزب الله، إنه لا ينبغي استبعاد دور للجماعة المسلحة في الصراع الإسرائيلي الإيراني.
وقال: “هذا يعتمد على التطورات السياسية والميدانية. كل شيء ممكن”.
وقال كريغ إن كلاً من الحوثيين والميليشيات العراقية “تفتقر إلى القدرة الاستراتيجية على توجيه ضربات عميقة ضد إسرائيل التي كان يتمتع بها حزب الله في السابق”.
وقال ريناد منصور، الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، إن الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران حاولت دائمًا تجنب جر بلادها إلى صراع كبير.
على عكس حزب الله، الذي عمل جناحه العسكري كجهة فاعلة غير حكومية في لبنان – مع أن جناحه السياسي جزء من الحكومة – فإن الميليشيات العراقية الرئيسية أعضاء في تحالف من الجماعات التي تُعدّ رسميًا جزءًا من قوات الدفاع الوطني.
وقال منصور: “الأمور في العراق جيدة بالنسبة لهم حاليًا، فهم مرتبطون بالدولة – ويستفيدون سياسيًا واقتصاديًا. كما أنهم رأوا ما حدث لإيران وحزب الله، وهم قلقون من أن تنقلب إسرائيل عليهم أيضًا”.
وهذا يجعل الحوثيين على الأرجح “المحور الجديد في محور المقاومة”، على حد قول كريغ. لكنه أضاف أن الجماعة ليست قوية بما يكفي – وبعيدة جغرافيًا جدًا – لإلحاق الضرر الاستراتيجي بإسرائيل بما يتجاوز هجمات المتمردين الصاروخية المتفرقة.
وولفت كريغ إلى أنالاعتقاد بأن أعضاء “المحور” وكلاء خاضعون لسيطرة إيران الكاملة كان خاطئًا دائمًا، لكن الروابط الآن قد تفتتت أكثر.
وقال: “لم يعد محورًا حقيقيًا، بل شبكة فضفاضة ينشغل كل طرف فيها ببقائه”.