غزة وإيران: اختلافات واضحة… الحرب جددت الدعم الأوروبي لإسرائيل!

غزة وإيران: اختلافات واضحة… الحرب جددت الدعم الأوروبي لإسرائيل!

أكدت مصادر ديبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى لـ”النهار” أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يغيّر موقفه بالنسبة إلى الانحياز إلى إسرائيل، وأن موقفه من الملف النووي الإيراني يختلف كليّاً عن موقفه مما تقوم به إسرائيل في غزة، والذي يعتبره غير مقبول وغير مبرّر، وأن ما يحدث من تصعيد إسرائيلي مع إيران لا يخفّف من الكارثة الإنسانية  في غزة، ولا من ضرورة استئناف المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار.

وتضيف المصادر أن قلق باريس إزاء البرنامج النووي الإيراني مسألة جوهرية، والموقف المتفهّم تجاه إسرائيل من الضربات على إيران يعكس هذا القلق ولا يغير شيئاً عن عزم فرنسا على المساهمة في التوصل إلى حلّ سياسي عاجل للنزاع في غزة والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وأنه جرى تأجيل مؤتمر حلّ الدولتين في نيويورك، بسبب عدم تمكّن وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الحضور، وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بسبب الوضع المتفجر في المنطقة.

 

وكشفت المصادر أن باريس والعواصم الأوروبية كانت أبلغت إيران منذ وقت طويل بأنها تتجاوز كلّ الحدود في الملف النووي، وهذا ما أشار اليه تقرير مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن الأمر جدّي ولا بدّ لإيران من الإسراع في الدخول في مفاوضات، لكنها لم تسمع. لذا فرنسا لم تغيّر موقفها، فهي ليست منحازة إلى إسرائيل كما ادّعى البعض، لكن باريس لا تقبل بأن تتمكّن إيران من الحصول على السلاح النووي، لأن ذلك سيؤدي إلى انتشار تطوير السلاح النووي في منطقة ذات صراعات عديدة، وفق ما توضح المصادر نفسها.

تفهُّم الرئيس الفرنسي للضربة الإسرائيلية ظهر في مؤتمره الصحافي الذي تلا الهجوم الإسرائيلي. فبعد خلافه  مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مثل عدد من قادة أوروبا، في طليعتهم البريطاني كير ستارمر، بشأن حرب غزة ومنع الحكومة الإسرائيلية دخول المعونات الإنسانية واتهام نتنياهو ماكرون بأنه حليف لـ”حماس”، غيّرت الحرب الإسرائيلية على إيران المواقف الأوروبية، وعاود ماكرون القول إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها. وأجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً بنتنياهو في بداية الحرب أعلن خلاله تضامنه معه، وقال في أول تغريدة له إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها، وهو ما كرّره ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس . ثم قال ماكرون في مؤتمره الصحافي بعد بدء الحرب الإسرائيلية على إيران: “عندما أنظر إلى نتائج هذه الضربات أرى أنها سمحت بتقليص قدرات التخصيب والقدرات الباليستية”. لكنه أكّد أن فرنسا لم تشارك في الهجوم على إيران قائلاً: “لا يمكننا أن نعيش في عالم تمتلك فيه السلاح النووي”، متّهماً طهران بزعزعة استقرار المنطقة بدعمها “حزب الله” و”حماس”، ومشيراً إلى دعمها موسكو في الحرب على أوكرانيا.

 

وفيما أعلن ماكرون أنه يحبّذ الحل الديبلوماسي بدل الحرب، من دون إدانة الهجوم الإسرائيلي على طهران، أكد في مؤتمره الصحافي أن فرنسا قد تساعد إسرائيل إذا احتاجت إلى ذلك، لكنها لن تشارك في الهجوم على إيران.

 

وأجرى ماكرون مساء أمس اتصالاً بالرئيس الإيراني مسعود بزكشيان مطالباً إياه بالإفراج عن الرهينتين الفرنسيتين لدى طهران سيسيل كوهلر وجاك باريس، وطالبه بعدم استهدافهما، كما طالب  نظيره الإيراني بضبط النفس وتجنب التصعيد، وذكّره بأن قضية النووي خطيرة، ويجب أن تحلّ بالتفاوض، الطريق الوحيدة، ودعاه إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، معرباً عن استعداده للمساهمة في هذا الهدف. واتصل ماكرون أيضاً بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وبالرئيس اللبناني جوزف عون وبالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بعد اتصاله منذ البداية بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبأمير قطر الشيخ تميم آل ثاني.

 

ويحاول ماكرون والأوروبيون العودة إلى طاولة المفاوضات النووية مع إيران بعدما جرى تهميشهم في المحادثات، التي كان ترمب قد اقتصرها على واشنطن وطهران، مما أقلق الأوروبيين من اتفاق متسرع يتم عن طريق المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف. ومن المتوقع أن يجري ماكرون والأوروبيون محادثات حول الموضوع في لقائهم مع ترامب المتوقع في قمة السبعة المنعقدة في كلغاري في كندا اليوم.   

وأكد ماكرون في اتصاله بالرئيس عون مساء السبت دعمه أمن لبنان واستقراره وسيادته انطلاقاً من مخاوف الجانب الفرنسي على لبنان من تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية على البلد، ومن أيّ عمليات انتقامية لحلفاء إيران في البلد، علماً بأنه -بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية- ليس هناك أي مؤشر إلى تحرك حلفاء إيران في لبنان.

 

في هذا السياق علمت “النهار” أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك كان متوقعاً أن يزور باريس في 15 حزيران/يونيو، لكن الموعد تغيّر، فيما يبقى برنامج زيارته بيروت قائماً؛ ومن المتوقع أن يصل إلى العاصمة اللبنانية منتصف هذا الأسبوع مع رسالة من ترامب إلى القيادات اللبنانية لدفها إلى الاستعجال في تنفيذ نزع سلاح “حزب الله” والسلاح الفلسطيني وعدم المماطلة، وإلّا فلا مساعدات للبنان، كما سيؤكد ضرورة التقدّم على صعيد الإصلاحات الضرورية.