الأسباب الموضوعية لعدم انخراط ‘الحزب’ في التورط

اذا نجا لبنان من اي توريط له في الحرب بين اسرائيل وايران سواء مباشرة عبر موقف ” حزب الله” الذي لم يظهر حماسة للتدخل في الحرب القائمة او عبر عناصر” غير منضبطة ” قد تورط لبنان، فلمن سيعود الفضل في ذلك ، للقرار الذاتي للحزب ام للضغوط الداخلية من الدولة اللبنانية ؟ وهل يعود ذلك لاخذ الحزب في الاعتبار احتمالات “انتحاره ” باعتبار ان اسرائيل وجهت تحذيرات عن مراقبتها للحزب واحتمال تحركه من لبنان لدى بدء عمليتها العسكرية ضد ايران وتاليا تقويمه بضرورة المحافظة على نواته خشية الاسوأ ام لخسارته الجزء الاكبر من ترسانته الحربية بحيث يعجز عن الانخراط في حرب تحيد او تلهي اسرائيل وتدافع عن طهران او الاحتمالين معا ؟
الدخان يتصاعد لليوم الثاني من مستودع نفط شهران شمال غرب طهران (أ ف ب).
ينقل عن مراجع رسمية اطمئنانها لعدم توريط لبنان من جانب الحزب فيما ان لا ظهير محتملا له بعد خسارة سوريا من جهة والاهم بعد خسارة قيادته التاريخية المتمثلة بالسيد حسن نصرالله الذي كان يتمتع بالقدرة على الاختيار والقيادة معا ، وفيما انه يواجه تحديا ليس سهلا بالانخراط في الحرب اذا قرر ذلك دفاعا عن ايران هذه المرة . فعلى رغم ان الحزب الذي شكل درة التاج لايران والحلقة الاقوى في الطوق الرادع دفاعا عن ايران، فان ثمة مخاطرة كبيرة لا سيما في ظل غياب اي حليف داخلي له في اخذ لبنان ككل على الارجح وليس الطائفة الشيعية فقط هذه المرة الى تدمير لحساب الخارج ، اي مرة لحساب مساندة غزة ومرة اخرى لحساب مساندة ايران في حال قرر القيام بذلك في وقت تبدو الفصائل الموالية لايران في العراق ملتزمة بدورها عدم توريط العراق او تحويله الى ساحة حرب دعما لطهران ، وذلك علما ان المخاوف كبيرة من حاجة طهران الى توسيع مروحة الحرب الى المنطقة اذا ضاقت بها السبل في مواجهة اسرائيل. هذا يفترض ان يدخل في تقويم الحزب ولو ان قراره عدم الانخراط في الحرب سيضعه امام تحد بشقين في المرحلة المقبلة : الشق الاول يتصل بواقع ان واقع تسليحه من ايران ليكون خطا دفاعيا اماميا على الحدود مع اسرائيل فقد مبرراته في ظل اخطر مواجهة تتعرض لها ايران ايا يكن سبب امتناعه عن الانخراط في الحرب والذي يعود في تقويم مراقبين خارجيين الى خسارته القدرة العسكرية على ردع اسرائيل .
والشق الثاني يتعلق بان هذه الخسارة تعيقه في الدرجة الاولى عن الدفاع عن نفسه ازاء استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على عناصره لا بل ملاحقتهم من اسرائيل واستمرار اختراقها الاستخباراتي له عبر قدرتها على تحديد مواقع وجود اسلحته او صواريخه او قياداته كذلك . وهذان الامران من شأنهما تقوية موقف الدولة اللبنانية في سعيها الى احتكار السلاح ما دام الحزب فقد مبررات احتفاظه بسلاحه علما ان هذا السلاح يحتاج الى صيانة ورفد بالمزيد اذا اريد له ان يكون الحزب جزءا من استراتيجية دفاعية عن لبنان . بمعنى ان السلاح من ايران سيبقى متعذرا الاستعانة به او تعزيزه في موازاة تعزيز قدرات الجيش اللبناني من الولايات المتحدة والدول الغربية.
هناك مبررات اخرى يعتقد المراقبون انفسهم انها ستتقدم الى الواجهة وتفرض نفسها في ضوء المواجهة العسكرية بين اسرائيل وايران اولا من حيث اظهار اسرائيل تفوقا تكنولوجيا حربيا يصعب موازنته وثانيا ان التسوية بعد المفاوضات التي ستحصل في وقت ما ايا تكن المدة التي ستستغرقها الحرب الجارية ستتأثر بها ايران الى حد كبير عبر تنازلات جديدة كانت ترفضها في السابق . ومع ان ثمة صعوبة الان في توقع اي سيناريو محتمل سترسو عليه هذه الحرب اكانت حرب استنزاف بين الجانبين ترهقهما معا ويغرقان في وحولها او حربا موسعة تشمل المنطقة وربما تتفاعل على مستوى العالم او تفاوض يبقى محتملا، فان ثمة اقتناعا لدى هؤلاء المراقبين بان لبنان قد لا يضطر الى بذل جهود كبيرة في موضوع انهاء السلاح خارج سلطة الدولة لانه التطورات المقبلة ستحمل له او تقدم له قطف الثمار وقد اينعت لوحدها .
في اي حال ، ينظر هؤلاء المراقبون ايجابا الى قرار الحزب بالامتناع عن الانخراط بالحرب مساندة لايران حتى لو ان الامر يندرج في اطار العجز الموضوعي عن ذلك . ففي هذا الموقف اذا استمر ولم تحصل مفاجأة ما ، عناصر ايجابية ينبغي البناء عليها انطلاقا من انعكاس ذلك ومفاعيله من ضمن البيئة الشيعية في الدرجة الاولى على صعيد نقلها الى واقع تظهير مصلحة لبنان قبل مصالح الاخرين ، بعدما دفع لبنان طويلا على مدى عقود ثمن صراع الفيلة في المنطقة . فاذا كان ثمة ايجابية ما لهذه الحرب فيما ان كل حرب يجب ان تكون مرفوضة ومدانة ، انها تجري بعيدا من لبنان وعلى نحو مباشر بين الجانبين اللذين استخدما لبنان ساحة اساسية لصراعهما ما ادى الى دفعه اثمانا باهظة من حياة ابنائه ومستقبلهم .
rosannabm @hotmail.com