حملة نتنياهو ضد إيران انطلقت باغتيال ترامب لقاسم سليماني!

في الثالث من كانون الثاني / يناير 2020، نفذ الجيش الأميركي أمر الرئيس دونالد ترامب، واغتال ثاني أهم شخصية ايرانية بعد المرشد الأعلى علي الخامنئي: قائد فيلق القدس قاسم سليماني!
كان يفترض بهذا الاغتيال أن يكون مقدمة لا بدّ منها لاستدعاء إيران إلى طاولة المفاوضات لإقرار اتفاق نووي جديد، بعدما مزق ترامب الاتفاق الذي كان سلفه باراك أوباما قد وقعه، وسط استهجان إسرائيلي وخليجي وعربي، على اعتبار أنّ أوباما جمّد المشروع النووي ولم يُلغه، في حين ترك لإيران الحرية في برنامج الصواريخ الباليستية وزوّدها بما يكفي من أموال حتى تستطيع تقوية أذرعها في المنطقة.
كان دونالد ترامب يريد معالجة كل هذه الملفات، بما يتطابق والمصالح الأميركية وطموحات حلفائها في الشرق الأوسط.
ولكن كان للشعب الاميركي خيار آخر، فخرج ترامب من البيت الأبيض ودخله “نقيضه” جو بايدن الذي وجد نفسه عاجزاً عن تسوية الأوضاع مع إيران، على الرغم من رغبته في إعادة إحياء ما صنعته الإدارة السابقة التي كان فيها نائباً للرئيس.
وحين عاد ترامب إلى البيت الأبيض، حاملاً معه ذكريات محاولتي اغتيال استهدفتاه ونسبتا إلى المخابرات الإيرانية، حاول أن يستفيد من التطورات الجيو- سياسية الكبرى في منطقة الشرق الاوسط، فالخليج تصالح مع إيران فيما أذرعها أصيبت بضربات نوعية كما هي عليه حال “حزب الله” وسقوط النظام السوري.
وفق المعادلات التي يعتمد عليها تفكير ترامب، اعتبر أنّه يمكن أن يصبح “صانع سلام”، لكنّه اكتشف أنّ إيران تتعاطى مع نفسها كما لو لم يعد لديها ما تقدمه لشعبها وجمهورها في العالم، سوى الاستمرار في التخصيب.
منذ اليوم الأول لقرار فتح مفاوضات مع إيران، “زركه” رئيس الحكومة الإسرائيلية في “زاوية الأنا”. قال له إنّ المفاوض الإيراني، سوف يناور ويكسب الوقت، ولكنه لن يقدم شيئاً، فهو، وفق ما ردده نتنياهو لترامب، “سوف يكذب عليك”.
وتحدى الرئيس الأميركي صديقه الإسرائيلي، وأبلغه بأنّه سوف يترك لإيران ستين يوماً حتى “تحسم موقفها”، وفي حال لم تفعل، فهو موافق على ضربها عسكرياً، على أن تكون إسرائيل مستعدة لدفع الثمن!
أبقى ترامب نفسه في القيادة الخلفية. ذاكرته مع نتنياهو في الملف الإيراني لم تخنه بعد، فهو كان يخطط معه لاغتيال قاسم سليماني، ولكن نتنياهو تراجع في “الدقيقة الأخيرة” واضطر الرئيس الأميركي أن يذهب إلى هذه الخطوة المهمة وحيداً.
إذاً، قصة الثنائي ترامب- نتنياهو مع إيران عمرها من عمر التحضير لاغتيال سليماني، وهي يستحيل أن تكون قد توقفت، بل تستمر حالياً في خضم الحرب الإسرائيلية- الإيرانية.
ويحفظ نتنياهو في هذه الحرب لترامب مسألة حاسمة: ضرب منشأة فوردو. هذه المنشأة النووية الأهم في تركيبة البرنامج الإيراني، لا تملك إسرائيل القدرة على تدميرها، بل الولايات المتحدة الأميركية حصراً، بفضل امتلاكها لمدمرات مناسبة اسمها الشهير هو “ب- 52”. هذه المدمرات الاستراتيجية موزعة حالياً على عدد من القواعد الأميركية في العالم، ولكنّ نصفها تقريباً جرى نقله إلى قاعدة لا تبعد كثيراً عن إيران، وهي خارج القواعد العربية والخليجية.
وهذه القدرة الحصرية بيد الجيش الأميركي، تجعل ترامب سيّد “خاتمة الحرب”.
الرئيس الأميركي، وقبل أن يقول كلمته الأخيرة، يعرض على إيران الحل، وهو الموافقة على عرضه، بالتوصل إلى اتفاق يحرم الجمهورية الإسلامية في إيران من حق التخصيب نهائياً.
وفي انتظار مهلة لم يتم الكشف عنها بعد، تتولّى إسرائيل إضعاف البرنامج الباليستي، وتفكك “الحرس الثوري” ومن ضمنه بطبيعة الحال “الهدف الأسمى”، أي “فيلق القدس” القائد الفعلي لـ”حزب الله” و”الجهاد الإسلامي” والتنظيمات الولائية في “الحشد الشعبي” في العراق، والمساهم الأقوى في أعمال “أنصار الله” في اليمن!
وفي حال لم تلتقط إيران الخشبة التي ألقاها لها ترامب ويذكرها بها كل يوم، يأتي دور “ب-52”!