جهود متواصلة لتعزيز حياد لبنان في الصراع الإسرائيلي-الإيراني

تتكثّف المحاولات الديبلوماسية مع وزارة الخارجية اللبنانية لتحييد المسرح اللبناني قدر المستطاع عن ضراوة صواريخ المواجهة الإقليمية العاجلة بين إسرائيل وإيران. ولقد توافرت معطيات لـ”النهار” عن تواصل مكوكيّ حصل بين وزير الخارجية يوسف رجّي ووزراء خارجية دول صديقة تأكيداً لمساندة لبنان المتموضع على مقربة من قرع طبول نزاعات حربية مفاجئة. وكثرت التنبيهات التي تلقتها السلطات اللبنانية الرسميّة من مغبّة تدخّل الأذرع الموالية لطهران أو دخولها حلقة اللهيب، لأنّ تبعات أيّ انزلاق نحو نيران الحرب ستكون كارثية على لبنان. ولا تزال هذه التحذيرات متواصلة بعد إشعارات سابقة كانت تلقّفتها المرجعيات اللبنانية قبل إعلان النفير الحربيّ من تل أبيب إلى طهران، فحواها أولوية إبقاء لبنان محايدا في أيّ أزمات حربيّة قد تنشب في المنطقة.
لا يلغي التوجّس المتلاحق من “كرة النار” الإقليمية أنّ ثمة تأكيدا لأخذ الدولة اللبنانية أهمية تحييد لبنان في الاعتبار، إضافة إلى ملف آخر تتابعه وزارة الخارجية مع وزارة الأشغال لإجلاء الرعايا اللبنانيين العالقين في الخارج أو القابعين في مناطق ساخنة حربياً. وهناك امتنان في أروقة ديبلوماسية لبنانية للجدية التي تتبعها السلطات الرسمية لإبقاء لبنان محيدا عن المعركة الإسرائيلية – الإيرانية، بعدما خرج من تجربة قاسية مع مشاركة “حزب الله” في جبهة إسناد قطاع غزة.
ولا يمكن إغفال التعويل اللبنانيّ الرسميّ على الدروس والعبر من جبهة إسناد غزة، وسط معطيات عن تواصل حكوميّ وأمنيّ رسميّ مع “حزب الله” عبر قنوات سياسية وعسكرية لتحييد لبنان حربيّاً، استنتج منه غياب أي نية انغماسية في الحرب رغم عدم إعطاء ضمانات.
يبقى الهدف المحلي تخفيف تبعات النزاع الإسرائيلي – الإيرانيّ على لبنان الموجود جغرافياً على فوهة.
يقول الديبلوماسي السابق مسعود معلوف المقيم في واشنطن والمتابع للتطورات، ردّاً على أسئلة “النهار”: “إذا لم يحصل أيّ تدخّلٍ لبنانيّ مباشر في النزاع الإسرائيليّ – الايرانيّ ولم يتدخّل لبنان في تطوّرات القضية السورية، سيبقى التأثير الممكن للمواجهات بين تل أبيب طهران محدوداً رغم عدم الارتياح اللبناني إلى ما يحصل في المنطقة”. ويضيف أن “ثمة تخوّفا عربيّا لا ينحصر بلبنان فحسب، من تقوية نفوذ إسرائيل كثيراً، فتتحوّل دولة مهيمنة تعقّد مسألة حلّ القضية الفلسطينية. وإذا كان كثرٌ من اللبنانيين قد فرحوا بتراجع سيطرة إيران السياسية على لبنان في الأشهر الأخيرة، فإن سيطرة إسرائيل على المنطقة، إذا حصلت، تعني الانتقال من ضغط إلى ضغط آخر”.
في اعتقاده، “إذا تراجع النفوذ الإيراني أكثر في المنطقة نتيجة المواجهات مع إسرائيل فسيضعف نفوذ “حزب الله” أكثر في لبنان، لكن ترتيبات إعادة انتماء مناصري الحزب إلى الداخل اللبنانيّ ستأخذ وقتاً وتبدو صعبة التحقّق بسرعة'”. ويعتبر أن “التوجس الأكبر من تأثير للمواجهات على لبنان سيكون إذا تحوّلت إلى اقتصادية وأقفلت إيران مضيق هرمز، ما يجعل التمنيات شاخصة للتوصّل إلى حلّ إقليمي قريباً، رغم أن الأوضاع تسوء حالياً”.
في استنتاج معلوف، “الحلّ الافضل يتمثّل في ابتعاد لبنان عن النزاع والانصراف إلى الأمور اللبنانية. ويبقى الأفضل للبنان التوصل إلى تسوية سياسية لا تكون لإيران سلطة في المنطقة وتسمح بحلّ القضية الفلسطينية بما يريح لبنان الذي سيتضايق إذا اشتدت الحروب”.