لبنان يفقد الثقة الأوروبية ويتوجه نحو القائمة السوداء (فيديو)

لبنان يفقد الثقة الأوروبية ويتوجه نحو القائمة السوداء (فيديو)

تعددت القرارات والنتيجة واحدة، وما كان ينتظره لبنان من مجموعة العمل المالي “فاتف”، أتى من الاتحاد الأوروبي بوضعه على لائحة “الكيانات العالية المخاطر” التي تعاني قصورا في آليات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.

 

أتى القرار بالتزامن مع إخراج دولة الإمارات العربية المتحدة من اللائحة عينها، مانحا إياها مكافأة على جهودها في تحديث قوانينها، وأنظمة مكافحة الفساد وتبييض الأموال فيها. فالإمارات فازت بالسباق واستحقته، نتيجة حتمية لتعاون قياداتها السياسية والمالية، وبناء رؤية مستقبلية واضحة وشفافة، لجعل البلاد واحدة من أفضل وجهات الاستثمار في العالمين العربي والمتوسطي. أما لبنان، الساحة المستباحة، فجنى “الإزاحة” والرقابة والعزل من أوروبا التي عتادت تاريخيا أن تكون بقيادة فرنسا “الأم الحنون”. 

 

 

صحيح أن خطوة المفوضية الأوروبية ستخضع لمراجعة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، لكنها ستدخل حيز التنفيذ في غضون شهر واحد ما لم تسجل اعتراضات. والمعايير التي تتبعها المفوضية، تلتزم بقوة وتتماهى مع تلك التي تضعها “فاتف”، ما يجعل إمكان إخراج لبنان من اللائحة مستبعدا، ما دام مهددا بالتحول إلى اللائحة السوداء لدى “مجموعة العمل المالي”، لقصوره في التزام المعايير والمتطلبات الدولية للإصلاح المالي.

 

خبير المخاطر المصرفية والباحث الاقتصادي الدكتور محمد فحيلي أوضح لـ”النهار” أنه لم يستغرب قرار الاتحاد الأوروبي إضافة لبنان إلى قائمة الدول “العالية المخاطر” على صعيد تبييض الأموال، نتيجة حتمية لإدراج لبنان في اللائحة الرمادية لـ”فاتف”.

 

 

أما بالنسبة إلى التداعيات فيمكن أن تتركز في رأي فحيلي على التحويلات المالية بين لبنان وأوروبا، لكن الأمر يعود إلى القرارات التي ستتخذها مجالس إدارات المصارف المراسة في أوروبا، وما إذا كانت هناك إجراءات إضافية إلى تلك المتخذة فور إدراج لبنان في القائمة الرمادية في تشرين الأول/أكتوبر 2024.

 

وفق مصادر أوروبية، ثمة احتمال كبير أن تطلب المؤسسات المالية داخل الاتحاد الأوروبي فرض تدابير “عناية معززة” على كل التعاملات التي تمس لبنان، سواء أكانت من لبنان إلى أوروبا أم العكس. وهذا يعني في رأي فحيلي تشديد الرقابة المصرفية، والتشدد في موضوع التحاويل المالية، بما يؤدي إلى زيادة التكاليف وتراجع سرعة تنفيذ الحوالات والمعاملات العابرة للحدود. وثمة احتمال كبير أن تعمد بعض المصارف المراسلة إلى قطع العلاقات مع الكيان اللبناني، علما أن ثمة مصارف اتخذت قرارا كهذا بعد إدراج لبنان في اللائحة الرمادية “فاتف”. وإذ اعتبر أن “كل هذه الأمور متوقفة على علاقة كل مصرف لبناني على حدة بالمصارف المراسلة في اوروبا”، أكد في المقابل أنه “لن يصار إلى قطع تام للعلاقة المالية بين لبنان وأوروبا، بل إلى فحص معمق لكل حوالة مرتبطة بلبنان، وطلب تقديم وثائق عن مصادر الأموال ورسوم إضافية لتعويض التكاليف التشغيلية والتنظيمية التي استجدت مع إدراج لبنان في اللائحة الاوروبية”.

 

“رب ضارة نافعة”!

 

“رب ضارة نافعة”، مقولة تنطبق على إدراج لبنان في اللائحة الرمادية الأوروبية. ووفق فحيلي “لبنان على علاقة نشطة تجاريا مع أوروبا على صعيد الأفراد والمؤسسات، وتاليا يمكن أن تكون الخطوة التي اتخذها الاتحاد الاوروبي دافعا للسطات اللبنانية إلى الإسراع في تنفيذ الإصلاحات التي طلبتها مجموعة العمل المالي وصندوق النقد الدولي، خصوصا إذا اتخذت المصارف المراسلة إجراءات قاسية حيال المستندات التي تطلبها لتنفيذ التحويلات والكلفة”.

 

بالنسبة إلى الإصلاحات والإجراءات التي اتخذها لبنان حتى اليوم، أكد فحيلي أن “لبنان لم ينفذ المطلوب منه في شكل كامل، في ما عدا قرار وزارة العدل إنشاء لجنة لتقديم اقتراحات لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية، وكذلك التعديلات التي أدخلت على السرية المصرفية. فيما التعديلات المطلوبة لها علاقة بالقضاء ووزارة الداخلية والمالية حيال المؤسسات التي تتعامل بالكاش”.

 

إجراءات مصرف لبنان؟

عندما وضع تقرير “فاتف” كان واضحا أن التقصير ليس من مصرف لبنان أو المصارف، بدليل أن الملاحظات التي كانت قد وضعت شطبت بعد الإجراءات التي اتخذها “المركزي”. وأكدت مصادر متابعة أن “المركزي اتخذ كل الإجراءات الجوهرية المطلوبة. وفي كل الأحوال، سيدرس مصرف لبنان الموضوع ويتعاون مع كل الجهات المختصة للإسراع في معالجة الخلل”.

 

مصرف لبنان يتقدمه علم لبناني (وكالات)

 

وقد أسهم التعميم 165 الذي أصدره مصرف لبنان في منتصف عام 2023، والمتعلق بالمقاصة وتسوية الشيكات والتحاويل النقدية بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي الفريش عبر مصرف لبنان، في تخفيف استعمال الدفع النقدي، خصوصا بالعملة اللبنانية.  

 

كذلك اتخذ كل الإجراءات التقنية المطلوبة منه، فأوقف طبع الليرة وبدأ باتخاذ إجراءات من شأنها حض المواطنين على الاعتماد على البطاقات الائتمانية والشيكات المصرفية. كما طلب من المصارف التصريح عن كل المساهمين ونسبة مساهتمهم فيها مع معلومات إضافية عنهم للتأكد من أن أيا منهم غير مدرج في لائحة سوداء في أي دولة أو كيان خارجي.