هل تستطيع إسرائيل فرض حصار بحري على الحوثيين؟

وسط استمرار تصاعد التوترات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأخيرة بشأن إمكانية فرض حصار بحري على الحوثيين في اليمن، يبرز تساؤل محوري عن مدى قدرة إسرائيل على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي المعقد.
فبعدما شهدنا “القصف البحري” لأول مرة من قبل الحوثيين ضد أهداف مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، يبدو أن الصراع قد اتخذ بعداً بحرياً جديداً يوسع نطاق المواجهة الجغرافية.
ومسألة فرض حصار بحري فعال على جماعة تسيطر على جزء كبير من السواحل اليمنية المطلة على ممرات ملاحية حيوية، تطرح تحديات لوجستية وعسكرية وسياسية جمة، تتجاوز مجرد القدرة على إغلاق الموانئ.
فهل تمتلك إسرائيل القوة البحرية والتحالفات الإقليمية اللازمة لفرض حصار بحري مستدام يهدف إلى خنق قدرات الحوثيين العسكرية والاقتصادية، أم أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تصعيد إقليمي أوسع قد يهدد استقرار الملاحة الدولية برمّتها؟
سفينة حربية اسرائيلية خلال مناورات عسكرية. (وكالات)
تواجه أي محاولة لفرض حصار بحري شامل على جماعة الحوثي في اليمن تحديات لوجستية وعملياتية هائلة، وذلك وفقاً للخبير الأمني الاستراتيجي الدكتور عمر الرداد.
فبينما تمتلك إسرائيل قدرات بحرية متقدمة، يبقى تحقيق أهداف مثل هذا الحصار غير مضمون، نظراً لقدرة الحوثيين على التكيف والتداعيات الإقليمية والدولية المحتملة.
عوائق وتحديات
يشدد الرداد على أن البعد الجغرافي يمثل عائقاً رئيسياً أمام أي قوة تسعى لفرض حصار بحري شامل. فالحاجة إلى نشر عدد كبير من السفن والطائرات والموارد لفترة طويلة، بالإضافة إلى تعدد الموانئ والمواقع البحرية التي يمكن للحوثيين استخدامها لكسر الحصار، يعقّدان أي عملية من هذا القبيل.
علاوة على ذلك، يشكل امتلاك الحوثيين ترسانة كبيرة من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة تهديداً جدياً. هذه الأسلحة، التي سبق أن استخدمت بنجاح ضد السفن في البحر الأحمر وحتى ضد أهداف إسرائيلية، قد تستخدم لاستهداف السفن المشاركة في الحصار أو حتى البنى التحتية الإسرائيلية. كما يمتلك الحوثيون ألغاماً بحرية وزوارق مفخخة، صناعة إيرانية، يمكن استخدامها لتهديد الملاحة أو استهداف سفن الحصار.
تُضاف إلى ذلك خبرة الحوثيين في حرب العصابات البحرية، ما يجعل التعامل معهم تحدياً كبيراً. وينبه الرداد إلى أن أي حصار سيثير تبعات إقليمية ودولية كبيرة نظراً لقدرة الحوثيين على تهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر.
ماذا عن القدرات البحرية الإسرائيلية؟
على الرغم من التحديات، تمتلك إسرائيل قوة بحرية متطورة وحديثة، تضم سفناً حربية مزودة بصواريخ، وزوارق دورية، وغواصات. وقد استخدمت البحرية الإسرائيلية في السابق سفنها الصاروخية لضرب أهداف للحوثيين في ميناء الحديدة باليمن.
وتتميز البحرية الإسرائيلية بمرونة عملياتية تسمح لها بضرب أهداف من مسافات قريبة دون الحاجة للعودة الفورية لإسرائيل للتزود بالوقود، ما يمكّنها من استهداف موانئ الحوثيين بفعالية.
الأهداف الإسرائيلية
وتتمثل الأهداف الرئيسية لإسرائيل من فرض حصار بحري في وقف هجمات الحوثيين عليها وعلى الملاحة البحرية في البحر الأحمر. ويسعى الحصار إلى شل قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل أو استهداف السفن التجارية ذات الصلة بإسرائيل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. بالتزامن مع ذلك، تهدف إسرائيل إلى قطع إمدادات الأسلحة، خاصة الصواريخ والطائرات المسيرة، التي تشير تقارير دولية وتسريبات إلى أنها تأتي من إيران.
ولا تخفي إسرائيل موقفها بأن الحوثيين هم وكلاء لإيران، وبالتالي فإن أي ضغط عليهم يُنظر إليه على أنه ضغط غير مباشر على طهران. كما تسعى إسرائيل من خلال هذه العملية إلى استعادة قوة ردعها وإظهار قدرتها على الرد بقوة على التهديدات البعيدة.
ويرى الرداد أن إسرائيل تمتلك القوات القادرة على فرض حصار بحري على الحوثيين. ومع ذلك، فإن قدرة هذا الحصار على تحقيق أهدافه تبدو غير مضمونة، وذلك لقدرة الحوثيين على الإفلات منه، ولما يمكن أن يثيره من تداعيات دولية وإقليمية.