منطقة اليورو: بين الضغط الأمريكي وتفاؤل ألمانيا

في توقعاتها الاقتصادية لفصل الربيع، خفّضت المفوضية الأوروبية تقديراتها لنمو منطقة اليورو. فهي تتوقع الآن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.9% في عام 2025 و1.4% في عام 2026، مقارنةً بـ 1.3% و1.6% كانت متوقعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. ويُعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى الركود المتوقع في الاقتصاد الألماني عام 2025 (0% بدلًا من 0.7%). كما خُفّضت التوقعات بالنسبة لفرنسا وإيطاليا، وإن بشكل طفيف، في حين تم رفع تقديرات النمو لإسبانيا.
رغم هذا السياق المتقلب، لا تزال المفوضية تراهن على تعافٍ تدريجي تقوده الاستهلاك الخاص (+1.5% في عامي 2025 و2026) وانتعاش في الاستثمار في قطاعي البناء والتجهيزات. ومن المتوقع أن يواصل معدل البطالة انخفاضه، ليبلغ 6.3% في 2025 ثم 6.1% في 2026، ما من شأنه أن يعزز الطلب الداخلي. أما على صعيد التضخم، فتتأكد وتيرة التراجع (الانكماش التضخمي)، إذ يُنتظر أن ينخفض مؤشر الأسعار إلى 2.1% في 2025 ثم 1.7% في 2026.
غير أن هذه الدينامية تواجه تهديدًا جديًا جراء التوترات التجارية، إذ أن تصعيد السياسات الحمائية في الولايات المتحدة، مع فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والمركبات وقطع الغيار، يؤدي إلى خفض نمو منطقة اليورو بمقدار 0.2 نقطة مئوية. وإذا ردّ الاتحاد الأوروبي بإجراءات موازية — لم تُدرج في التوقعات — فقد ترتفع الخسارة الإجمالية إلى 0.4 نقطة مئوية.
في تصوراتنا الخاصة، التي وُضعت قبل “يوم التحرير”، كنا قد أخذنا بعين الاعتبار البيئة الحمائية هذه، وقدّرنا تأثيرها المباشر بـ -0.2 نقطة، وغير المباشر بـ -0.1 نقطة نتيجة حالة عدم اليقين الاقتصادي.
ومع ذلك، تُعوَّض هذه الصدمات جزئيًا عبر الآفاق الإيجابية التي توفرها السياسة المالية التوسعية في ألمانيا وزيادة الإنفاق الدفاعي.
ووفقًا للتقديرات، من الممكن أن تساهم الاستثمارات العامة الألمانية في رفع نمو منطقة اليورو بـ +0.1 نقطة في 2025 و+0.3 نقطة في 2026 وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن يكون أثر البنية التحتية الألمانية إيجابيًا بمقدار +0.75 نقطة بحلول 2035، في حين أن الجهود الأوروبية في مجال الدفاع قد تضيف بين +0.3 و+0.6 نقطة بحلول عام 2028.
صورة تعبيرية (وكالات)
ألمانيا: الصادرات تنتعش… وأميركا في المقدمة
بعد ستة أشهر من التراجع، سجلت الصادرات الألمانية من السلع انتعاشًا قويًا في الربع الأول من عام 2025، حيث ارتفعت بنسبة 4.2%. وكان هذا الانتعاش ملحوظًا بشكل خاص في اتجاه الولايات المتحدة، التي كانت أول شريك تجاري لألمانيا عام 2024، إذ استحوذت على 11.8% من صادراتها. وقد ارتفعت الصادرات الألمانية إلى هذا السوق بنسبة 5.2%، كرد فعل جزئي على التراجع الحاد في النصف الثاني من عام 2024.
ولا يقتصر هذا التعافي على السوق الأميركي. فقد شهدت صادرات ألمانيا إلى شركاء رئيسيين آخرين، مثل الصين وإيطاليا، زيادات ملحوظة. فقد ارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 2.2%، رغم أن هذا الاتجاه يبقى هشًا، إذ إن المسار العام منذ عام 2021 لا يزال يتجه نحو الانخفاض. ومع ذلك، تحتفظ الصين بمركزها الخامس بين وجهات الصادرات الألمانية، بنسبة 6.6% من الإجمالي.
أما على الصعيد الأوروبي، فشهدت الصادرات تحسنًا مماثلًا، حيث سجّلت الصادرات إلى إيطاليا ارتفاعًا بنسبة 2.6%، مما يعزز موقعها كـ سابِع أكبر زبون لألمانيا (5.9% من صادراتها). وقد ساهمت زيادة الطلبات الصناعية الجديدة من السوق الأوروبية الموحدة في هذا التحسن، مشيرة إلى انتعاش محتمل في قطاع التصنيع.
**جوزيف عازار، أستاذ في جامعة باريس دوفين – PSL