تصعيد أسلحة التفاوض… لحظة نتنياهو وسيناريوهات فشل المحادثات النووية

غيوم سوداء في أجواء الشرق الأوسط، مشهدية المفاوضات النووية معقدة والتصعيد موقف الولايات المتحدة وإيران. ثقة واشنطن بالتوصّل إلى اتفاق تراجعت، وقد طلبت من بعض رعاياها في الإقليم المغادرة ونصحت بعدم السفر إليه. وبالمقابل، أعلنت طهران رفع نسب تخصيب اليورانيوم، وأطلقت مناورات في ضوء معلومات عن هجوم إسرائيلي محتمل، لكن كلها عوامل تفاوض قبل أن تكون عوامل حرب، برأي مراقبين.
المفاوضات النووية ومعها الواقع الأمني في المنطقة على كف عفريت محادثات الأحد المقبل في سلطنة عُمان، ولا تزال قضية التخصيب الإيراني العقدة الأبرز، في ظل تصلّب المواقف بين إصرار طهران على استمرار نشاطها، ورفض واشنطن التام له. وفي ظل التوتر الحاصل، فإن الأمور تتجه نحو احتمالين، إما تذليل العقبات بعد تحسين شروط التفاوض والتوصّل لتسوية، أو الانفجار العسكري.
أسهم نجاح المفاوضات وفشلها متقاربة، لكن سيناريو الفشل في ظل التصعيد الحاصل قد يحمل تداعيات عسكرية ثقيلة، كون إيران تتحدّى إسرائيل والولايات المتحدة من خلال المناورات وتطوير عمليات التخصيب، وإسرائيل تتحيّن لحظة الفشل لتنفيذ ضربة منتظرة يريدها رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وقد لا يمانعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
نتنياهو (أ ف ب).
الأكاديمي والباحث محمد موسى يتحدّث لـ”النهار” عن السيناريوات في حال فشل المفاوضات النووية، قبل الجلسة الحاسمة يوم الأحد. وإذ يستبعد أي عمل عسكري قبل المحادثات حتى لا يتم نسف مبادئ التفاوض والديبلوماسية، يلفت إلى أن التصعيد “هدفه تحسين شروط” التفاوض. ويقول إنّ الاحتمالات تتغيّر إذا كانت نتائج اللقاء المنتظر سلبية ولم تحمل إيجابيات، لكن الخيارات “تبقى مقرونة بنتيجة اللقاء”.
ويفصّل موسى نتائج فرضية فشل المفاوضات، فيقول إن الولايات المتحدة قد لا توجّه أو تؤيّد ضربة عسكرية ضد إيران، خوفاً من تأثر أسعار النفط وسلاسل التوريد، والمجتمعان الأوروبي والعربي وروسيا سيتدخلون للجم التصعيد، لكن الخشية تكمن في رد الفعل الإسرائيلي. وفي هذا السياق، يشير موسى إلى التأزم الإسرائيلي الداخلي واحتمال توجّه نتنياهو إلى ضربة ضد إيران.
إسرائيل ورئيس وزرائها أكثر المتحمسين لفشل المفاوضات وتوجيه الضربة لإيران بهدف تأخير برنامجها النووي من جهة، وتعويم نتنياهو سياسياً في وقت يواجه محاولات إسقاط حكومته، وموسى يرى “خطر التصعيد العسكري” من الجهة الإسرائيلية، ويستطرد فيقول إن استغلال تل أبيب للحظة الفشل الديبلوماسي ومحاولاتها تنفيس تأزمها الداخلي بضربة خارجية هو “الخطر الأكبر”.
من الجهة الإيرانية، فإن عدم التوصّل لاتفاق أو تفاهم مع الولايات المتحدة سيدفعها إلى التصعيد أكثر، وتوجيه ضربة إسرائيلية لها سيؤزّم واقعها، ويشير موسى في هذا السياق إلى مواجهة إيران الخطوات الأميركية التحذيرية في المنطقة بإجراءات تصعيدية لجهة التخصيب، وهو مؤشر لما قد يكون عليه المشهد في حال الفشل والتعقيد، لكن طهران قد تصبح حينها معرّضة لمزيد من العزلة الدولية والضربات العسكرية.
في المحصلة، فإن فشل المفاوضات يبقى احتمالاً رهن جلسة محادثات يوم الأحد، لكن نتائجه في ضوء التصعيد في المنطقة والشهية الإسرائيلية بتوجيه ضربة لإيران قد تتمثل بالقوّة العسكرية، لكن لا بد من التذكير من جديد بأن التوتر الحالي يندرج على الأغلب ضمن عدّة التفاوض، والأطراف في سعي مستمر لتحسين شروطها ومواقعها قبل التسوية، وبعد الأحد واقع جديد.