تعثّر فرض الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء بسبب ترامب

يشكل التعاون الدولي لمكافحة التهرب الضريبي إحدى ضحايا الهجوم الذي شنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على تعددية الأطراف، فقد انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق الدولي الذي كان يهدف إلى فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، واتخذت إجراءات انتقامية ضد الدول التي فرضت ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة.
ضرائب على الخدمات الرقمية
وفي المقابل، هددت إدارة ترامب منذ عام 2019 بفرض رسوم إضافية على المنتجات الفرنسية مثل الشمبانيا والأجبان، وفي مذكرة صادرة في 21 فبراير 2025، استنكر ترامب الضرائب التي تستهدف الشركات الأميركية، مشدداً على أن «الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية وأي تدابير أخرى لحماية مصالحها».وقد ألغت الهند الضريبة الرقمية في 1 أبريل 2025، بينما تدرس المملكة المتحدة إلغاء الضريبة التي تدر على خزينتها 800 مليون جنيه استرليني سنوياً، وقال وزير التجارة البريطاني، جوناثان رينولدز، إن «هذه الضريبة ليست ثابتة، وهي أمر قابل للنقاش».وتؤكد الحكومات التي فرضت هذه الضرائب أن ذلك سيكون مؤقتاً في انتظار نتائج المفاوضات الدولية حول فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات.ضريبة الحد الأدنىفي نهاية عام 2021، شهد العالم اتفاقاً تاريخياً بين نحو 140 دولة لفرض ضرائب إضافية على الشركات متعددة الجنسيات، ويتضمن هذا الاتفاق ركنين رئيسيين: الأول يهدف إلى فرض ضرائب على الشركات الرقمية في الدول التي تتم فيها معاملاتها، بينما يحدد الركن الثاني حداً أدنى للضريبة بنسبة 15% من الأرباح.لكن، بمجرد عودة ترامب إلى السلطة، سحب الولاياتِ المتحدةَ من هذا الاتفاق، مهدداً باتخاذ تدابير انتقامية ضد الدول التي تطبق الركن الأول من الاتفاق على الشركات الأميركية، وقال دانيال بون، مدير مؤسسة «Taxation Foundation» البحثية، لوكالة «فرانس برس»: «المفاوضات توقفت منذ فترة، حتى خلال إدارة بايدن».من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي الأميركي، غابرييل زوكمان، أن «رد الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة سيكون حاسماً»، محذراً من أن استسلام الاتحاد الأوروبي سيعني انهيار الاتفاق الدولي.وقد بدأت نحو 60 دولة، من بينها اليابان وكندا والبرازيل والمملكة المتحدة، بتطبيق الركن الثاني من الاتفاق.ضرائب على أصحاب الملياراتفي عام 2024، اقترحت مجموعة العشرين برئاسة البرازيل فرض ضريبة دنيا بنسبة 2% على الأصول التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، وهو مشروع كان من المتوقع أن يحقق إيرادات تتراوح بين 200 إلى 250 مليار دولار سنوياً. لكن المشروع تعثر بسبب رفض الولايات المتحدة، خصوصاً في عهد الرئيس جو بايدن.على الرغم من تعهد واشنطن بالتعاون في فرض ضرائب إضافية على أصحاب المليارات في نوفمبر 2024، فإن المشروع واجه مقاومة بسبب سياسة ترامب التي تركز على تخفيض الضرائب وتؤيد مصالح كبار الأثرياء.ووفقاً لدانيل بون، فإن «الولايات المتحدة تشدد على سيادتها الضريبية، حتى إن بعض الجمهوريين يؤيدون فرض ضرائب أكبر على كبار الأثرياء الأميركيين».تستحوذ الولايات المتحدة على 30% من أصحاب المليارات في العالم، تليها الصين والهند وألمانيا.وفي مؤتمر عقد مؤخراً في باريس، قال الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي: «لا يمكننا الانتظار حتى تتوصل مجموعة العشرين إلى اتفاق، يجب أن تتحرك الدول بشكل منفرد في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أن الدول القوية يمكنها أن تقود التغيير، ليصبح الإصلاح قاعدة عالمية.