«مدينة الكريسماس» في الصين تترنّح تحت وطأة رسوم ترامب الجمركية

قد يكون مشهداً مألوفاً ومحبّباً للملايين في أميركا أن تتساقط الثلوج على النوافذ بينما تتعالى موسيقى عيد الميلاد، وتقوم العائلات بتزيين منازلها بالأضواء والنجوم وأكاليل الزينة، لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن معظم هذه الزينة تأتي من مدينة واحدة في الصين، «يي وو» في مقاطعة تشجيانغ، المعروفة بلقب «مدينة الكريسماس»، والتي توفّر نحو 90% من مستلزمات الزينة للأعياد في الولايات المتحدة، وفقاً للإعلام الصيني الرسمي.
لكن اليوم، يسود القلق بين الباعة، فهُم في قلب الحرب التجارية العالمية، ويواجهون الآن تداعيات الرسوم الجمركية الهائلة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي وصلت إلى أكثر من 145%، أعلى رسوم فرضتها الولايات المتحدة منذ ما يقرب من قرن.
بعد فرض الرسوم، حاولت ران تقديم خصومات لإنقاذ علاقاتها مع عملائها الأميركيين، لكن جهودها لم تُفلح، ثمانية من كل عشرة عملاء ألغوا عقودهم هذا العام، ما كلفها أكثر من 135 ألف دولار، ورغم أن السوق الأميركية لم تكن الأكبر في مبيعاتها، فإن العلاقة مع هؤلاء العملاء كانت مبنية على سنوات من الثقة، كما تقول.أزمة تلوح في الأفقتُظهر بيانات الجمارك المحلية أن مدينة يي وو صدّرت بضائع بقيمة 81 مليار دولار العام الماضي، منها 11.5 مليار إلى الولايات المتحدة، ومع أن السوق لا تزال تعج بالحركة، إلا أن غياب المشترين الأميركيين بات ملحوظاً، تجوّلت CNN داخل السوق دون أن تلمح أي زبون أميركي واحد، في وقت أبدى فيه العديد من التجار حذرهم من الحديث خوفاً من رقابة السلطات المحلية.حتى أولئك الذين لا يتعاملون مع أميركا يشعرون بالقلق، تقول لي شينياو، التي تدير متجراً للزهور البلاستيكية منذ 1993: «حتى لو كنا نؤمن بأن الصين ستتعافى، تبقى أميركا الأقوى والأغنى، وكل ما تفعله يؤثر على العالم بأسره».وتتابع: «إذا لم نتمكن من عيش حياة سعيدة، من سيهتم بشراء الزينة؟».تحوّل نحو أوروبا والأسواق المحليةبالنسبة للعديد من التجار، فإن الحرب التجارية تعني البحث عن بدائل خارج الولايات المتحدة، على المستوى الوطني بدأت الصين بالفعل منذ 2018 بتقليص اعتمادها على السوق الأميركية، من خلال تنويع سلاسل التوريد وتعزيز علاقاتها التجارية مع دول أخرى، فقد انخفضت حصة الصادرات الصينية إلى أميركا من 19.2% في 2018 إلى 14.7% في 2024.تقول نيي تسي تشين، البالغة من العمر 39 عاماً وتبيع زينة الهالوين: «أنا الآن أوجّه كل البضائع التي أوقفها عملائي الأميركيون نحو الاتحاد الأوروبي». ورغم أنها خسرت نصف صادراتها تقريباً، فإنها تأمل في تعويض ذلك عبر السوق المحلية والتجارة الإلكترونية عبر الحدود.قلق من المستقبلرغم محاولات الحكومة الصينية الرد على سياسات ترامب، فإن الخوف
ما زال يُخيّم على أجواء يي وو، فقد رفعت بكين الرسوم الجمركية على البضائع الأميركية إلى 125%، وأعلنت أنها لن تستمر في التصعيد.تقول لي، بائعة الزهور: «حكومتنا تتصرف بحكمة، لكننا ما زلنا نخاف من القادم».وتضيف بأسى، وهي تفكر بمستقبل ابنتها ذات السنوات الست: «نحن -الصينيين- دائماً نفكر في الجيل القادم، ولا أفهم لماذا قرر ترامب بدء هذه الحرب التجارية أصلاً، نحن نريد السلام في العالم».ومع أن التجار يأملون في عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، إلا أن كثيراً منهم يعتقدون أن الأمور لن تعود كما كانت، تقول ران: «حتى في حياتي اليومية، عندما أشتري حقيبة أو أي منتج، أفكر إذا كان مصنوعاً في أميركا، وإذا كان كذلك، فلن أشتريه بكل تأكيد».(جيسي يونغ ومارك ستيوارت CNN)