تأثير رسوم ترامب على أسعار السلع الأساسية.. النفط والغذاء والمعادن

تأثير رسوم ترامب على أسعار السلع الأساسية.. النفط والغذاء والمعادن

تُعدّ السياسات التجارية للولايات المتحدة عاملاً محورياً في تشكيل ملامح السوق العالمية، خصوصاً في ما يتعلق بأسعار السلع الأساسية، فمن خلال فرض التعريفات الجمركية، والدخول في حروب تجارية، تسير واشنطن إلى تغيير خريطة التدفقات التجارية وأسعار السلع من النفط إلى الليثيوم.
يقول دان ييرغن، خبير الطاقة في شركة IHS Markit «السياسات التجارية الأميركية تُحدِث حالة من عدم اليقين، ما يدفع الدول المنتجة لتقليص أو زيادة الإنتاج استباقاً لأي تصعيد تجاري».

وقال ييب جون رونغ، محلل الأسواق في شركة IG: «لا يزال المستثمرون يواجهون صعوبة في إيجاد حافز يدفع الأسعار إلى تعافٍ قوي، خاصة في ظل التوقعات بتباطؤ النمو العالمي نتيجة الرسوم الأميركية، وهو ما يهدد الطلب على النفط».وأضاف: «الاتجاه النزولي لأسعار النفط ما زال قائماً، وقد يتلاشى التفاؤل المؤقت بشأن التراجع المحتمل في الرسوم، فيما قد تعيد البيانات الاقتصادية المرتقبة الأسواق إلى واقع أكثر تشاؤماً».وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط هذا العام من المتوقع أن يرتفع بمقدار 730 ألف برميل يومياً، بانخفاض حاد عن توقعات الشهر الماضي البالغة 1.03 مليون برميل يومياً، هذا التخفيض في التوقعات أكبر من الخفض الذي أعلنت عنه منظمة أوبك يوم الاثنين.وقال تيتسو إيموري، الرئيس التنفيذي لشركة Emori Fund Management «كما أوضحت وكالة الطاقة الدولية، من المرجح أن يظل نمو الطلب محدوداً، والاختلال بين العرض والطلب العالمي على النفط يضغط على السوق، إذا تعافت سوق الأسهم التي تعاني حالياً من ضغوط الرسوم الجمركية، فقد نشهد ارتفاعاً في أسعار النفط يدفع خام غرب تكساس لتجاوز 65 دولاراً، لكن دون هذا الدعم، من المرجح أن تظل الأسعار في أوائل الستينيات». وقد أدت المخاوف من تصعيد الرسوم الجمركية من قبل ترامب، إلى جانب ارتفاع الإنتاج من مجموعة أوبك+ التي تضم منظمة أوبك وحلفاءها مثل روسيا، إلى تراجع أسعار النفط بنحو 13 في المئة منذ بداية الشهر الحالي.وقد دفعت حالة عدم اليقين المتعلقة بالتوترات التجارية عدداً من البنوك، بما في ذلك UBS وBNP Paribas وHSBC، إلى خفض توقعاتها لأسعار النفط.سياسات ترامب وأسعار الغذاءفرض الرسوم على صادرات الصويا والذرة بين أميركا والصين أثّر بشكل مباشر على المزارعين الأميركيين، وأدى لتقلبات في الأسعار العالمية. فمع ارتفاع تكاليف النقل واللوجستيات نتيجة التعريفات، ارتفعت أسعار الحبوب والسكر والبن عالمياً.وتعد الدول النامية من أكثر المتأثرين بالسياسات التجارية لترامب؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي تضخم غذائي في الدول المستوردة للغذاء.وفرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع الدول، كما فرض رسوماً جمركية متبادلة أعلى على 60 دولة وتكتلاً تجارياً، وستتحمل الشركات الأميركية التي تشحن البضائع من الخارج هذه الرسوم، وستتحمل بدورها جزءاً من التكاليف المرتفعة على المستهلكين.ووفقاً للخبراء، يتوقع المتسوقون ارتفاعاً في أسعار المأكولات البحرية والقهوة والفواكه والجبن والمكسرات وألواح الحلوى وغيرها من الأطعمة المستوردة.كما ستتأثر السلع التي تحتوي على مكونات ومواد تغليف مثل البلاستيك والألومنيوم من دول أخرى، وسترتفع أسعار الأغذية القابلة للتلف أولاً، تليها السلع التي تبقى على الرفوف فترة طويلة.وقد يرى المستهلكون أيضاً منتجات أصغر حجماً، فيما يُعرف باسم التضخم الانكماشي، ويجدون أن بعض أنواع هذه المنتجات قد أُلغيت، حيث تسعى الشركات إلى تعويض ارتفاع أسعارها نتيجة الرسوم الجمركية.المعادن الحيوية تحت الضغطجاء استخدام ترامب للرسوم الجمركية لتصعيد الحرب التجارية مع الصين، ليدفع بكين إلى اتخاذ إجراءات انتقامية مضادة، لكن إلى جانب الرسوم الجمركية، استخدمت بكين سلاحاً اقتصادياً آخر في ترسانتها، والذي يمكن أن يكون له تأثير أقوى، وهو قدرتها على التحكم في الإمدادات العالمية من المعادن النادرة، وبالتالي رفع أسعار هذه المعادن.ويقول الدكتور ويليام ماتيوز، زميل الأبحاث البارز ببرنامج آسيا والمحيط الهادئ بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، في تحليل نشره المعهد، إنه من خلال تقييد الوصول إلى هذه المعادن الحيوية، تمتلك الصين القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بصناعة الدفاع الأميركية، وتقويض الطموحات الأوسع لدى إدارة ترامب لإعادة التصنيع، وفي نهاية المطاف، قد يمنح هذا بكين أفضلية استراتيجية حاسمة في التنافس الأميركي الصيني طويل المدى على التفوق التكنولوجي والعسكري ويعزز تقدمها الحالي في مجال التصنيع.ومن أبرز المعادن التي ارتفع سعرها معدن الليثيوم الذي يُستخدم في البطاريات الكهربائية، وتعتمد عليه شركات التكنولوجيا الكبرى، وجاءت العقوبات الأميركية على الصين، أكبر مصنّع للبطاريات، لترفع أسعار الليثيوم بسبب اضطرابات في سلاسل التوريد.وتقول هيلينا كروفت من RBC Capital Markets «إن اللعب بورقة التجارة في سوق المعادن يُهدّد أمن الطاقة المستقبلي، خاصةً مع دخول السيارات الكهربائية في المشهد».فيما يقول روجر تيسكا، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيدني «إن السياسات الأميركية تصنع تحولات استراتيجية في صادرات أستراليا نحو شركاء جدد، لكنها تهدد استقرار العائدات على المدى الطويل».وختاماً، السياسات التجارية الأميركية تُعتبر أداة مؤثرة في تسعير السلع الأساسية، سواء بشكل مباشر عبر العقوبات أو غير مباشر عبر اضطرابات سلسلة التوريد؛ لذا يوصي الخبراء بمراقبة العلاقات الأميركية الصينية كعامل حاسم في مستقبل أسعار الغذاء والطاقة والمعادن.