ترامب في 100 يوم.. أميركا تسدد الفاتورة وحدها

من الصعب على رئيس واحد أن يُحسّن الاقتصاد بشكل جذري خلال فترة ولايته، لكن الرئيس دونالد ترامب يُثبت أن السياسيين قادرون على الإضرار بالاقتصاد خلال أيام فقط.
المبادرة الاقتصادية الرئيسية الوحيدة لترامب، هي أجندة تعريفات جمركية شاملة، تُمثّل زيادة ضريبية هائلة على المستهلكين الأميركيين، وقد وضعت الولايات المتحدة في قلب حرب تجارية عالمية، لتصبح المعتدي الوحيد، الذي يُلقي قنابل ضريبية على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
كانت حملات «بيع السندات الأميركية» نادرة جداً قبل أن يعود ترامب إلى البيت الأبيض، ولكننا شهدنا انسحاباً فوضوياً للمستثمرين العالميين من الأصول الأميركية مثل الدولار وسندات الخزانة والأسهم خلال الشهر الماضي، ما تسبب في خسارة الأوراق المالية الأميركية تريليونات الدولارات من قيمتها السوقية.على الرغم من رسوم ترامب الجمركية، لا يزال الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة، فمعدل البطالة منخفض، كما أن معدل التضخم انخفض إلى نحو 2.5 في المئة هذا العام من ذروته البالغة 9.1 في المئة عام 2022.بالطبع كانت البطالة والتضخم منخفضين في ظل إدارة بايدن.قال اقتصاديون إن قياس تأثير رسوم ترامب الجمركية، على الأقل في المدى القصير، سيكون صعباً، ويرجع ذلك إلى أن المستهلكين يتسوقون أكثر في محاولة لاستباق زيادات الأسعار.لكن من المتوقع ألّا يدوم هذا التسارع في الإنفاق، وعلى المدى الطويل، فإن فرص حدوث ركود، وفقاً لجميع الخبراء الاقتصاديين تقريباً، أعلى الآن مما كانت عليه قبل مئة يوم.وتتراوح احتمالات حدوث الركود بين 50 و70 في المئة.أصيبت الشركات بالشلل، وهي غير متأكدة من القرار النهائي الخاص برسوم ترامب الجمركية، حتى ثقة المستهلك، التي ظلت قوية حتى في ظل التضخم المرتفع على مر الأجيال السابقة، تتزعزع الأن.ولا توجد في خطة ترامب للرسوم الجمركية أي إشارة إلى معالجة فورية لمشكلة غلاء المعيشة التي ذكرها الناخبون بأغلبية ساحقة كسبب لإعادة انتخابه.يشعر الكثير من الجمهور بالغضب الآن، أظهر استطلاع جديد أجرته شبكة CNN بالتعاون مع SSRS أن 59 في المئة من سكان البلاد يعتقدون الآن أن سياسات ترامب قد أدّت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، بزيادة على 51 في المئة في مارس.وقد بدأ المواطنون بالشكوى من زيادات الأسعار، وقال 60 في المئة من البالغين الأميركيين إن سياسات ترامب قد زادت من تكلفة المعيشة في مجتمعاتهم، بينما قال 12 في المئة فقط إن أجندة ترامب ساعدت على خفض الأسعار.تتفق استطلاعات CNN مع قراءات أخرى للمزاج العام.فقد وصلت ثقة المستهلك في أبريل إلى رابع أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ عام 1952، وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة ميشيغان، وبلغت توقعات التضخم في الاستطلاع أعلى مستوياتها منذ عام 1981.مع أن هذا النوع من استطلاعات الرأي لا يُعدّ من «البيانات الدقيقة» التي يعتمد عليها صانعو السياسات عادةً، إلّا أن آراء الناس حول الاقتصاد تُعدّ مهمة، لا سيما فيما يتعلق بالأسعار، فعندما يتوقع الناس تدهور الاقتصاد، يميلون إلى خفض الإنفاق، مما يُبطئ النمو الاقتصادي.في الوقت الحالي، يعتقد قرابة 70 في المئة من الأميركيين أنه من المُرجّح أن تدخل الولايات المتحدة في ركود اقتصادي العام المقبل، وفقاً لاستطلاع CNN.يمكننا أن نرى هذا الحذر يتجلى بالفعل على أرض الواقع، فشركات الطيران تُخفّض رحلاتها قبل موسم السفر الصيفي مع انخفاض عدد الأشخاص الذين يخططون للرحلات، وتُخفّض شركات الطيران أو تُلغي تماماً توقعاتها للأرباح، والسبب حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية.ومن المتوقع أن تنخفض شحنات البضائع من الصين إلى الولايات المتحدة بشكلٍ كبير في الأيام المقبلة.ووفقاً لريان بيترسن، الرئيس التنفيذي لشركة فليكسبورت للخدمات اللوجستية، انخفضت حجوزات الحاويات البحرية الواردة من الصين إلى الولايات المتحدة بأكثر من 60 في المئة على مستوى القطاع خلال الأسابيع الثلاثة التي تلت دخول الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية حيز التنفيذ.وفرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 145 في المئة على الواردات الصينية.وعد خطاب ترامب في «يوم التحرير» في 2 أبريل بنهضة في قطاع التصنيع الأميركي، وهو أمر لا يتوقع نجاحه سوى قلة من أنصار شعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى (MAGA)».لكن ترامب توقع أمراً واحداً في ذلك اليوم تبيّن أنه أصدق مما كان يتخيل، قال «ستكون هذه دولة مختلفة تماماً في فترة قصيرة من الزمن، سنفعل شيئاً مميزاً سيتحدث العالم أجمع عنه».