تحطم الطائرة الهندية: السرد الشامل من لحظة الإقلاع حتى السقوط

أدى حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية إلى مقتل ما لا يقل عن 290 شخصاً، في واحدة من أكثر الكوارث الجوية دموية في الهند خلال السنوات الأخيرة.وأفاد طبيب كبير في مستشفى أحمد آباد المدني لشبكة CNN بأن الضحايا شملوا ركاباً على متن الطائرة وأشخاصاً على الأرض.
وبحسب شركة الطيران، كانت الطائرة تقل 242 شخصاً، ولم ينجُ منهم سوى شخص واحد فقط.
وأظهر تحليل أجرته شبكة CNN لتحديد الموقع الجغرافي لعدة مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى فحص بيانات تتبع الرحلات الجوية، كيف وقعت الحادثة المميتة.
تفاصيل الرحلة المنكوبة
أقلعت رحلة الخطوط الجوية الهندية AI171 من مطار سردار فالابهاي باتيل الدولي في مدينة أحمد آباد، بولاية جوجارات غرب الهند، متجهة إلى مطار جاتويك في لندن.كانت الرحلة تُسيّر عبر طائرة بوينغ 787-8 دريملاينر، وكان من المقرر أن تهبط في الساعة 6:25 مساءً بالتوقيت المحلي في لندن.ووفقاً للبيانات الرسمية من شركة الطيران، كان على متن الطائرة 242 شخصاً من الركاب وأفراد الطاقم، من بينهم 169 هندياً، و53 بريطانياً، وسبعة برتغاليين، وكندي واحد.ويرجّح أن العديد من الركاب كانوا من أفراد الجالية الهندية في بريطانيا، سواء كانوا عائدين من زيارة عائلاتهم في الهند، أو متجهين إلى المملكة المتحدة لزيارة أقاربهم.وذكر موقع «فلايت رادار 24» المتخصص في تتبع الرحلات الجوية أن الطائرة استخدمت كامل طول المدرج 23 في مطار أحمد آباد، والذي يبلغ طوله 11,499 قدماً، أثناء الإقلاع.وانطلقت الرحلة في تمام الساعة 1:39 ظهراً بالتوقيت المحلي للهند، وكان من المخطط أن تصل إلى وجهتها بعد نحو تسع ساعات.
اللحظات الأخيرة قبل الكارثة
تُظهر بيانات موقع FlightRadar24 أن الطائرة بدأت إقلاعها من مطار أحمد آباد بشكل طبيعي، لكنها فقدت إشارتها فجأة بعد وقت قصير من مغادرتها الأرض.وبحسب بيانات التتبع، وصلت الطائرة إلى ارتفاع 625 قدماً (أي ما يعادل 190 متراً)، قبل أن ينقطع التتبع بشكل مفاجئ.وأفادت البيانات بأن الطائرة بدأت تهبط بسرعة نحو الأرض بمعدل بلغ نحو 475 قدماً في الدقيقة، وهو ما يشير إلى خلل خطير وقع خلال لحظات الإقلاع الأولى.ووفقاً لسلطات الطيران المدني في الهند، فقد أدرك طاقم الطائرة وجود مشكلة تقنية خطيرة، وسارعوا إلى الاتصال بمراقبة الحركة الجوية (ATC) لإرسال نداء استغاثة، وقد تم هذا الاتصال في أقل من دقيقة واحدة من الإقلاع، في إشارة إلى خطورة الوضع وفجائيته.
هبوط اضطراري
في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وصوّره أحد الأشخاص من على بُعد أقل من 200 متر (655 قدماً) من محيط المطار، ظهرت الطائرة وهي تكافح للبقاء في الجو، في مشهد دراماتيكي يعكس خطورة اللحظات الأخيرة.وبينما كانت الطائرة تقترب من الأرض، بدأ الذيل في الانخفاض بشكل ملحوظ أسفل مستوى المقدمة (الأنف)، ما يدل على فقدان السيطرة على توازن الطائرة.وواصلت الطائرة الابتعاد عن موقع المصور، قبل أن تختفي تماماً خلف المباني السكنية القريبة.بعد ذلك بثوانٍ، انفجرت كرة نارية ضخمة حمراء في السماء، تلاها ظهور أعمدة كثيفة من الدخان الأسود، كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى تم تصويرها من مواقع متفرقة في المدينة.وتجمع السكان حول الموقع بينما يتصاعد الدخان الكثيف، وبدأت محاولات يائسة لإخماد النيران والبحث عن ناجين.
عواقب الحادث
ذكرت صحيفة Hindustan Times أن الناجي الوحيد من الحادث هو المواطن البريطاني فيشواش كومار راميش، الذي كان يجلس في المقعد 11A، ويتلقى العلاج حالياً في مستشفى محلي.ونقلت الصحيفة عنه قوله: «بعد ثلاثين ثانية من الإقلاع، سُمع دويّ عالٍ، ثم تحطمت الطائرة.. حدث كل شيء بسرعة البرق».وقال الأطباء إن حالته «ليست حرجة» ومن المتوقع أن يغادر المستشفى قريباً، فيما أكدت أسرته أنه «بخير».ولا تزال حصيلة الضحايا على الأرض غير واضحة، لكن اتحاد الجمعيات الطبية الهندية أفاد بأن 50 إلى 60 طالباً نُقلوا إلى مستشفيات محلية، مع وجود عدد من المفقودين وبعض الحالات الحرجة في العناية المركزة.ويُعد هذا الحادث من أسوأ الكوارث الجوية عالمياً منذ عام 2014، حين تم إسقاط طائرة ماليزية فوق أوكرانيا.ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الحادث بأنه «مفجع للغاية»، وأكد متابعة السلطات لجهود الإنقاذ، بينما نُقل أن من بين الضحايا فيجاي روباني، رئيس وزراء ولاية جوجارات السابق.من جهته، عبّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن حزنه، وقال إن المشاهد «مدمّرة»، بينما أعلن وزير الخارجية ديفيد لامي تفعيل فريق أزمة في «نيودلهي ولندن» لمتابعة تطورات الحادث.
أسباب الكارثة
بينما ينصب التركيز حالياً على إنقاذ الأرواح والتعامل مع تداعيات الحادث، سيتحوّل التحقيق إلى تحديد الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة.وسيركز المحققون على ما إذا كان الحادث ناتجاً عن خطأ بشري، أو عطل ميكانيكي، أو ضعف في الصيانة، أو مزيج من هذه العوامل.تأتي هذه التحقيقات وسط جدل سابق حول سلامة تصنيع طائرات دريملاينر، إذ وُجهت اتهامات لشركة «بوينغ» في العام الماضي بتقليل معايير التصنيع، وهو ما نفته الشركة ووصفت الاتهامات بأنها «غير دقيقة».ولا تزال إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية تحقق رسمياً في هذه المزاعم.وعقب الحادث، انخفضت أسهم بوينغ بأكثر من 7 في المئة في تداولات ما قبل السوق يوم الخميس، كما تأثرت أسهم عدد من شركات الطيران العالمية الأخرى.ويمثّل الحادث ضربة قوية لشركة بوينغ، التي تعاني أصلاً من سلسلة مشكلات أثّرت في سمعة طائراتها من حيث الأمان.أما «طيران الهند»، فقد يكون هذا الحادث بمثابة نكسة كبيرة في جهودها لتحسين صورتها كشركة حديثة وآمنة.يُذكر أن آخر حادث مميت في الهند كان في 2010، حين قُتل 158 شخصاً بعد أن تجاوزت إحدى طائرات طيران الهند المدرج أثناء الهبوط.