فرنسا توسع نفوذها المصرفي في البرتغال عبر صفقة تتجاوز قيمتها 7 مليارات دولار

في صفقة ضخمة تعكس الزخم المتزايد نحو الاندماجات المصرفية في أوروبا، أعلنت مجموعة بي بي سي إي المصرفية الفرنسية BPCE عن اتفاق نهائي للاستحواذ على بنك «نوفو بانكو» البرتغالي مقابل 6.4 مليار يورو، أي نحو 7.39 مليار دولار.
يُعد هذا الاستحواذ الأكبر من نوعه على صعيد الصفقات المصرفية العابرة للحدود في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما لاقى ترحيباً واضحاً من البنك المركزي الأوروبي، إذ يتماشى مع دعوته المتكررة إلى تعزيز تكامل النظام المصرفي الأوروبي لمواجهة المنافسة المتصاعدة من المؤسسات الأميركية العملاقة.
من جانبه، وصف محافظ البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فيلروي دو غالو، الصفقة بأنها «أنباء سارة للغاية للاتحاد المصرفي الأوروبي والنظام المصرفي الفرنسي»، مشيراً إلى أن الاستحواذ سيوسّع حضور بي بي سي إي خارج السوق الفرنسية ويوفر له منصة قوية في سوق التجزئة البرتغالية التي تُعد ثاني أكبر سوق له بعد فرنسا.يحمل تاريخ «نوفو بانكو» الكثير من التحولات؛ فقد تأسس في عام 2014 عقب انهيار بنك «إسبيريتو سانتو» الذي تدخلت الحكومة لإنقاذه في واحدة من أكبر الأزمات المالية في البرتغال. وفي عام 2017، استحوذت شركة «لون ستار» الأميركية على 75 في المئة من أسهمه مقابل مليار يورو فقط، ما يعكس الفارق الكبير في القيمة السوقية للبنك بين فترة ما بعد الأزمة واليوم.تمنح الصفقة الجديدة بي بي سي إي موطئ قدم قوي في السوق البرتغالية، إذ يمتلك «نوفو بانكو» نحو 30 مليار يورو من الودائع، و28.5 مليار يورو من القروض الصافية، بما يعادل حصة سوقية تقارب 9 في المئة، كما يدير البنك شبكة فروع تضم نحو 300 فرع وأكثر من 4200 موظف.بي بي سي إي لا تدخل السوق البرتغالية من باب مجهول، إذ تملك حالياً عمليات صغيرة في مجال القروض الاستهلاكية هناك، فضلاً عن وجود مركز تكنولوجي تابع لشركة «ناتيكسيس» المملوكة لها يقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات والدعم التشغيلي على مستوى المجموعة ككل.من المتوقع أن يتم إغلاق الصفقة رسمياً خلال النصف الأول من عام 2026، بعد استيفاء الموافقات التنظيمية اللازمة، ما يمنح المجموعة الفرنسية الوقت الكافي لتخطيط خطواتها التالية في السوق البرتغالية، وربما أسواق أوروبية أخرى لاحقاً.وتأتي هذه الخطوة ضمن موجة متصاعدة من صفقات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي الأوروبي، مثل العرض العدائي الذي قدمه بنك «بي بي في إيه» الإسباني لشراء منافسه «ساباديل» بأكثر من 14 مليار يورو. وكذلك تحركات بنك «يوني كريديت» الإيطالي تجاه «كومرتس بنك» الألماني و«بانكو بي إم» الإيطالي، وهي صفقات أثارت جدلاً واسعاً وردود فعل سياسية في كل من برلين وروما.لكن في المقابل، يبدو أن صفقة بي بي سي إي تسير في أجواء أكثر هدوءاً وتقبلاً، وقد تفتح الباب أمام مزيد من التكامل المصرفي الأوروبي في السنوات القادمة، خاصة إذا أثبتت نجاحها على مستوى الأداء المالي والتشغيلي في السوق البرتغالية.