حرية التسيير أو انتهاء اتفاقية يو إس ستيل: اليابان تطرح مطالبها أمام واشنطن

بينما تتسارع الخُطى نحو إتمام واحدة من أضخم الصفقات الصناعية في العالم، حذّر مسؤول في شركة «نيبون ستيل» اليابانية من أن الصفقة لن تتم دون منح شركته «هامشاً من حرية الإدارة» لشركة «يو إس ستيل» الأميركية، التي تسعى نيبون للاستحواذ عليها بقيمة تقارب 14.9 مليار دولار. جاءت التصريحات التي أدلى بها المسؤول لصحيفة «نيكي» اليابانية في توقيت حساس، وأثّرت فوراً على سعر سهم «يو إس ستيل» الذي تراجع بنسبة 4 في المئة بعد نشر الخبر.
التوتر لم يأتِ من فراغ؛ فالصفقة التي أُعلنت للمرة الأولى في ديسمبر كانون الأول 2023 واجهت معارضة شديدة من كلٍّ من الرئيس السابق جو بايدن وسلفه دونالد ترامب. عبّر الطرفان عن رفضهما لفكرة خروج ملكية «يو إس ستيل» من أميركا، في وقت تعتبر فيه ولاية بنسلفانيا، إذ يقع المقر الرئيسي للشركة، ساحة انتخابية شديدة الحساسية.
ومع بداية ولاية ترامب الجديدة في 20 يناير كانون الثاني، فُتح الباب مجدداً لإعادة النظر في الصفقة من خلال مراجعة أمنية جديدة لمدة 45 يوماً.لكن تصريحات ترامب تسببت في حالة من الغموض والتقلب، ففي أحد خطاباته في بنسلفانيا أواخر مايو أيار، وصف نيبون ستيل بأنها «شريك عظيم» محتمل، ثم عاد لاحقاً ليقول إن موافقته النهائية لم تُمنح بعد، متحدثاً عن امتلاك «حصة ذهبية» تمنح الشعب الأميركي ملكية بنسبة 51 في المئة في الشركة، وهذا تصريح أثار قلق الأسواق والمستثمرين على حد سواء.ورغم هذا التردد العلني، نقلت مصادر خاصة لوكالة رويترز أن التفاهم بين الإدارة الأميركية والشركتين بات شبه مكتمل، ومن المتوقع أن تُحسم الصفقة خلال أيام، ربما قبل يوم الجمعة.في السياق نفسه، طلبت نيبون ستيل وإدارة ترامب من محكمة الاستئناف الأميركية تمديداً لمدة ثمانية أيام لتعليق الدعوى القضائية، لإتاحة مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق نهائي. هذا التمديد، في حال الموافقة عليه، قد يكون حاسماً، خاصة أن العقد الحالي بين الطرفين ينتهي رسمياً في 18 يونيو، مع وجود احتمال للتمديد بالتراضي.تتجاوز أهمية هذه الصفقة الجانب المالي؛ إذ تمثل اختباراً لحدود التدخل الحكومي في صفقات الاستحواذ العابرة للحدود، في وقت تتصاعد فيه الحمائية الاقتصادية حول العالم. كما أنها تضع ملف «الأمن القومي الاقتصادي» في واجهة النقاش السياسي الأميركي، وتعيد طرح سؤال كبير: إلى أي مدى يمكن للسياسة أن تقيّد منطق السوق؟ يبرز الصراع على «يو إس ستيل» أيضاً كأحد فصول السباق الانتخابي الأميركي المبكر، إذ تُستخدم الشركة التي كانت رمزاً صناعياً أميركياً لعقود، كورقة جذب انتخابية في ولاية محورية. وبين السياسة والاقتصاد، تبقى حرية الإدارة هي مفتاح الصفقة بالنسبة لنيبون، ومصدر القلق الأول لصنّاع القرار في واشنطن.