بالأرقام.. أداء مصر الاقتصادي في المؤشرات الدولية

في عالمٍ يُقاس فيه التقدم بالأرقام، تكشف المؤشرات الدولية الحديثة عن أداء متنوع لمصر على خريطة الاقتصاد العالمي، إذ أحرزت تقدماً في عددٍ من المجالات المرتبطة بالحوكمة والاستقرار الاقتصادي، في حين تبقى مجالات أخرى بحاجة إلى مزيدٍ من التطوير لضمان تعزيز التنافسية الشاملة.
وفي مجال التكنولوجيا والأمن الرقمي، سجّلت مصر المركز الـ61 من أصل الـ176 دولة في مؤشر الأمن السيبراني الوطني (2023)، ما يعكس تنامياً في قدرات الحماية الرقمية والتوسع في البنية التحتية التكنولوجية.
في مؤشرات الحوكمة، ارتفعت فاعلية الحكومة إلى 42 نقطة مئوية، بينما سجّلت جودة التنظيم 26.9 نقطة، ما يعكس تحسناً نسبياً في بيئة الأعمال والسياسات العامة.كذلك سجّلت سيادة القانون 44.3 نقطة، في حين أحرز مؤشر الاستقرار السياسي وغياب العنف 16.6 نقطة، وهي مؤشرات تشير إلى خطوات إصلاحية مؤسسية متواصلة.وفي مؤشر الاستقرار الاقتصادي الكلي، حققت مصر المرتبة 37، ما يشير إلى توازن نسبي في السياسات المالية والنقدية بعد سنوات من تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انطلق في 2016.أما في مؤشر السعادة العالمي (2024)، فقد تقدمت مصر من المرتبة 147 إلى 135، في دلالة على تحسن تدريجي في بعض الجوانب المرتبطة بجودة الحياة والظروف الاجتماعية.وفي ملف الشمول المالي، توضّح البيانات أن 32.8 في المئة فقط من المصريين يمتلكون حساباً مصرفياً، في حين لا تتعدى نسبة من يملكون بطاقة ائتمان 3.3 في المئة، بينما لا يستخدم الإنترنت لسداد الفواتير سوى 2 في المئة، ما يشير إلى فرصة كبيرة لتوسيع قاعدة الشمول المالي والرقمي في السوق المحلي.ولكن بالتحديث الأخير من البنك المركزي المصري، بلغ معدل الشمول المالي في مصر 74.8 في المئة بنهاية عام 2024، بما يعادل 52 مليون مواطن (15 سنة فأكثر) يمتلكون ويستخدمون حسابات معاملاتهم المالية بنشاط، سواء عبر البنوك أو البريد المصري أو المحافظ الإلكترونية أو البطاقات المدفوعة مقدمًا.وقد ارتفع المعدل من 70.7 في المئة في 2023، مسجّلاً نمواً بنسبة 204 في المئة مقارنة بعام 2016، نتيجة لتوسيع نطاق الخدمات المالية للفئات المهمشة، بما يشمل النساء والشباب وذوو الهمم وأصحاب المشروعات الصغيرة. كما بلغ عدد النساء اللاتي لديهن حسابات نشطة 23.3 مليون، بنسبة شمول مالي 68.8 في المئة. أما الشباب (15-35 سنة) فبلغ معدل الشمول المالي لديهم 53.1 في المئة.وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية مصر 2030 لتحقيق التمكين الاقتصادي وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال تسهيل الوصول إلى خدمات مالية مناسبة وفعالة.وفي مجالي الريادة والابتكار، تظهر المؤشرات أن هناك مجالاً واسعاً للنمو، إذ احتلت مصر المرتبة 51 في مؤشر ريادة الأعمال المبكرة، والمرتبة الـ89 في مؤشر القدرة على الابتكار، وهي مؤشرات تؤكد أهمية الاستثمار في البيئة الابتكارية وتطوير المهارات.منذ عام 2016، أطلقت مصر سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، شملت تحرير سعر الصرف، وتحديث السياسات المالية، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، إضافة إلى زيادة الإنفاق على البنية التحتية بهدف دعم النمو وتحسين مناخ الأعمال.وتُظهر المؤشرات أن مصر تسير بخطى تدريجية نحو تحسين موقعها على الخريطة الدولية، مع وجود فرص واعدة لتعزيز هذا التحسن من خلال التركيز على ملفات مثل التعليم، الصحة، الابتكار، تمكين المرأة، وتوسيع الشمول المالي والرقمي.يمثّل ذلك أرضية مهمة لصناع السياسات والمستثمرين المحليين والدوليين لتوجيه الجهود نحو قطاعات ذات أثر مضاعف على النمو والتشغيل، وهو ما من شأنه تعزيز موقع مصر مركزاً اقتصادياً إقليمياً يتمتّع بإمكانات حقيقية للنمو طويل الأمد.