نفايات العالم.. ماذا يوجد في صناديق القمامة؟ ومَن المسؤول عن زيادتها؟

عام بعد عام، تزداد نفايات العالم بشكلٍ مخيف.. أكثر من 8 مليارات إنسان ينتجون سنوياً أكثر من ملياري طن من النفايات الصلبة، أي ما يكفي لملء ما يقرب من ألفي مسبح أولمبي يومياً، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.لكن المفاجأة أن نحو نصف هذه النفايات تقريباً ليست من البلاستيك كما يُعتقد، بل من نوع غير متوقع تماماً وهو الطعام والنفايات الخضراء، التي تمثّل وحدها 44 في المئة من إجمالي النفايات حول العالم.
يكشف التحليل البياني الحديث من كليين هاب «CleanHub» و«البنك الدولي» التركيبة التفصيلية للنفايات العالمية من عام 2016، مع توقعات مذهلة لعام 2050، تشير إلى أن العالم قد يولّد 3.4 مليار طن من النفايات سنوياً، أي أكثر من الضعف مقارنة بالحجم الحالي.. ولو تخيلنا الأمر بصرياً، فهذه الكمية تكفي لملء شاحنات قمامة تمتد من الأرض إلى القمر ذهاباً وإياباً.. مرات عدّة!
التركيبة العالمية للنفايات
تُظهر البيانات أن النفايات العضوية، التي تشمل بقايا الطعام والنفايات الزراعية، تتصدر القائمة بنسبة 44 في المئة، يليها الورق والكرتون بنسبة 17 في المئة، ثم البلاستيك بنسبة 12 في المئة، بينما تمثّل المعادن والزجاج والخشب والمطاط نسباً أقل تتراوح بين 2 و5 في المئة.
اللافت أن أكثر من 90 في المئة من النفايات البلاستيكية لا يتم إعادة تدويرها، رغم أن البلاستيك هو ثالث أكبر مساهم في حجم النفايات، وهو ما يُثير تساؤلات جدية حول فاعلية سياسات إعادة التدوير العالمية.
مَن المسؤول عن تفاقم النفايات؟
رغم أن الدول ذات الدخل المرتفع، مثل أميركا وكندا وأوروبا الغربية، لا تمثّل سوى 16 في المئة من سكان العالم، فإنها تنتج أكثر من ثُلث نفاياته.. لكن المفارقة أن المستقبل يحمل تحديات أكبر للدول النامية.تشير التوقعات إلى أن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وخصوصاً في آسيا وإفريقيا، ستقود نمو النفايات خلال العقود المقبلة. ففي حين من المتوقع أن يرتفع حجم النفايات في الدول الغنية بنسبة 19 في المئة فقط بحلول عام 2050، فإن الدول النامية قد تشهد زيادة بنسبة تصل إلى 40 في المئة، مدفوعة بالنمو السكاني والتوسع العمراني وتحسن مستويات الدخل والاستهلاك.تعود أهمية هذه القضية إلى التغيرات الاقتصادية والديموغرافية العالمية منذ عقود.. فبينما أسهمت اتفاقيات التجارة العالمية والتطور الصناعي في رفع مستويات المعيشة، فإن هذه المكاسب الاقتصادية جاءت على حساب البيئة.كما أن التفاوت في البنية التحتية لإدارة النفايات بين الدول أسهم في جعل التحدي أكثر حدة في مناطق مثل جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء.لا يعني بالضرورة أن تؤدي الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي إلى ارتفاع في النفايات، لو تم اعتماد نماذج إنتاج واستهلاك أكثر استدامة. هنا يأتي دور الاقتصاد الدائري والاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، مع سياسات شاملة لإدارة النفايات تبدأ من المصدر، وليس فقط في نهاية دورة الاستهلاك.البيانات واضحة، إذا لم يتحرك العالم سريعاً، فإن أكوام القمامة قد تصبح واحدة من أخطر التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البشرية خلال العقود القادمة. هل يمكن للاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري أن يكونا الحل قبل أن يغرق الكوكب في نفاياته؟