لعبة لندن: تأجيل التجارة واستمرار الصراع التكنولوجي

رغم الاتفاق الأخير الذي توصلت له الولايات المتحدة والصين في لندن للتهدئة التجارية، كشفت مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» أن التفاهم الجديد تجاهل أحد أبرز الملفات الخلافية، وهو تصدير معادن الأرض النادرة ذات الاستخدامات العسكرية، ما يهدد فرص التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بين أكبر اقتصادين في العالم خلال الأشهر المقبلة.
في المقابل، تستمر الولايات المتحدة في فرض قيود على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى بكين، نظراً لاستخداماتها المحتملة في المجالات العسكرية.
مكاسب محدودة وتعقيدات مستمرة
ربط المفاوضون الصينيون خلال المحادثات التي جرت في العاصمة البريطانية الأسبوع الماضي، التقدم في ملف صادرات مغناطيسات المعادن النادرة المرتبطة بالاستخدامات العسكرية، برفع القيود الأميركية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمثل تحولاً في مسار المفاوضات، التي كانت تركز سابقاً على قضايا الرسوم الجمركية، وتجارة الفنتانيل، والميزان التجاري.
كما كشفت المصادر أن واشنطن تدرس تمديد الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية لمدة 90 يوماً إضافياً بعد الموعد المحدد في 10 أغسطس آب، ما يعكس صعوبة التوصل إلى اتفاق دائم في المدى القريب، بالرغم من التصريحات المتفائلة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وصف الاتفاق بأنه «صفقة رائعة».
السيطرة الصينية على المعادن النادرة
تحتكر الصين فعلياً إنتاج وتكرير معظم المعادن النادرة المستخدمة عالمياً، ما يمنحها نفوذاً استراتيجياً في التفاوض مع واشنطن، وقد أدى هذا الاحتكار إلى فشل اتفاق جنيف الأخير بشأن خفض الرسوم الجمركية، عقب فرض بكين قيوداً إضافية على تصدير هذه المعادن الحيوية في أبريل نيسان الماضي.ورغم وعود بكين بتسريع إصدار تراخيص التصدير للشركات الأميركية غير العسكرية، فإن بعض العناصر الحيوية مثل عنصر «الساماريوم» المستخدم في الصناعات الدفاعية، لا تزال خارج نطاق الاتفاق. في المقابل، وافقت بكين على إنشاء «قناة خضراء» لتسهيل تراخيص الشركات الأميركية الموثوقة لفترة مؤقتة مدتها ستة أشهر.
رهانات غير محسومة
يأتي هذا الاتفاق المؤقت بعد اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، اتفق خلاله الطرفان على نسب رسوم متبادلة، 55 في المئة على السلع الصينية، مقابل 10 في المئة على السلع الأميركية.لكن محللين صينيين، مثل ليو ويدونغ من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أبدوا شكوكهم بشأن التوصل إلى اختراق حقيقي قبل الموعد النهائي في أغسطس آب، مشيرين إلى أن «الاختلال التجاري العميق لا يمكن حله في هذا الإطار الزمني، وربما لا يُحل حتى نهاية ولاية ترامب».وفي ظل التحديات القانونية الداخلية التي تواجهها إدارة ترامب بشأن شرعية الرسوم، قد يلجأ البيت الأبيض إلى تمديد المهلة بهدف تأسيس أرضية قانونية جديدة لإبقاء الرسوم قائمة بموجب «البند 301» من قانون التجارة الأميركي.ويرى محللون أن تشابك الملفات الاقتصادية مع القضايا الأمنية والعسكرية يزيد من صعوبة أي تقارب مستدام، ويقول رايان هاس، مدير مركز الصين في معهد بروكينغز، إن «سيطرة الصين على المعادن النادرة واستخدامها كورقة ضغط يبرز القيود التي تواجه الإدارة الأميركية في تحقيق أهدافها التجارية».ويضيف «ربما أدرك فريق ترامب، بعد عدة صدمات، أن اتفاقاً تجارياً آخر مع الصين لا يمكن أن يُصاغ بالكامل وفق أولويات ترامب وحده».