نقطة تحول في أسواق النفط: المنشآت الحيوية في إيران تتعرض للهجوم والأعين مشدودة نحو المستقبل

نقطة تحول في أسواق النفط: المنشآت الحيوية في إيران تتعرض للهجوم والأعين مشدودة نحو المستقبل

مع تصاعد القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران، لم تعد الحرب تُخاض فقط بالسلاح التقليدي، بل بدأت تطول شرايين الاقتصاد الإيراني، وعلى رأسها قطاع الطاقة. في الأيام الأخيرة، ظهرت تقارير متقاطعة تفيد بتعرّض منشآت حيوية مثل محطة عسلوية ومصفاة عبادان والمرحلة الـ14 من حقل بارس الجنوبي لقصف مباشر أو أضرار ناتجة عن العمليات العسكرية.
ويبدو أن هذه الهجمات ليست عشوائية، بل تحمل أهدافاً اقتصادية واضحة قد تغيّر موازين الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ليس فقط، بل قد تترك تأثيراً كبيراً في سوق النفط العالمية.محطة جزيرة خرج في عين العاصفة

فبحسب بيانات مايو 2025، بلغت صادرات إيران النفطية أكثر من 1.7 مليون برميل يومياً، ما يعادل عائدات فصلية بنحو 12 مليار دولار، وأي تعطيل كبير لهذه المحطة قد يقلب الميزان المالي الإيراني رأساً على عقب.تحذيرات اقتصادية من سيناريو 2020في هذا السياق، يحذّر اقتصاديون من أن استهداف جزيرة خرج سيكون بمثابة ضربة قاضية لصادرات النفط، ويجبر إيران على تقديم مزيد من التنازلات الاقتصادية للصين، المشتري الرئيسي حالياً، كما سيجعل خيار التهريب أكثر خطورة وأقل مردودية.فالهجوم على هذه المنشآت يذكّر بسيناريو عام 2020، عندما انهارت صادرات النفط الإيراني إلى أقل من 500 ألف برميل يومياً تحت ضغط العقوبات، ما أدّى إلى انهيار احتياطي العملات الأجنبية وارتفاع التضخم بنسبة تجاوزت 40% خلال أقل من عام.ضربة دقيقة بأثر عالميوفي تحليل نُشر في صحيفة «فايننشال تايمز» بتاريخ 15 يونيو 2025، أكدت الصحيفة أن إسرائيل «تحوّل تركيزها إلى البنية التحتية الحيوية للطاقة، تحديداً محطات الغاز ومخازن الوقود، لإحداث اضطراب اقتصادي داخلي واسع دون الانجرار إلى معركة برية واسعة النطاق». واعتبر خبراء الاقتصاد المشاركون في التقرير أن استهداف منشآت الطاقة يسبب ضغطاً داخلياً معقّداً يفوق أحياناً نتائج استهداف عسكري مباشر. فالضربات وفقاً للصحيفة، استهدفت بنية تصدير الغاز والوقود الداخلية، مثل منشآت حقل بارس الجنوبي، ومستودعات البنزين في شمال طهران، لا البنية التحتية النفطية للتصدير مباشرة، ما يعزّز الفكرة أن الهدف هو خنق إيران داخلياً وليس فقط ضرب صادراتها العالمية.بدورها، نقلت Independent Arabia عن محللين قولهم إن الأسواق تفاعلت سريعاً مع هذا التهديد، إذ شهدت أسعار النفط ارتفاعاً يتجاوز 10% خلال 48 ساعة، في ظل مخاوف من أن تؤدي ضربة كبيرة لمنشآت تصدير النفط الإيراني إلى تجاوز الأسعار حاجز 100 دولار للبرميل.هل تستطيع أوبك+ تعويض النفط الإيراني؟وفقاً لتحليل نُشِر على موقع رويترز في 13 يونيو 2025، أشار محللون إلى أن «أي تعطيل طويل الأمد في صادرات إيران قد لا تُعوّضه دول أوبك+ بسهولة، خاصة مع تراجع الطاقة الإنتاجية الاحتياطية في بعض الدول وعودة التوتر إلى ليبيا ونيجيريا»، هذا الواقع يجعل من كل برميل إيراني مصدراً حيوياً للأسواق الآسيوية، خصوصاً للصين، ويضفي على الصراع بُعداً دولياً حساساً.وفي الختام، فإن الضربات الأخيرة على منشآت الطاقة الإيرانية ليست مجرد رسائل عسكرية، بل تحوّلت إلى أدوات ضغط استراتيجي تستهدف العمود الفقري للاقتصاد الإيراني. ومع دخول منشآت مثل كنغان وجزيرة خرج ومصفاة عبادان في نطاق القلق، يبدو أن إسرائيل تسير بخطى مدروسة نحو «خنق» إيران مالياً دون الحاجة إلى اجتياح بري أو استنزاف سياسي واسع.ويبقى السؤال: إلى متى يمكن لطهران أن تصمد في ظل هذا التصعيد المعقّد، حيث تتحوّل منشآتها الحيوية إلى أهداف مفتوحة وأسواقها النفطية إلى رهائن للحرب؟ وهل سيؤثّر ذلك في إمدادات النفط العالمية وأسعاره؟