إرشادات الاستدامة تعيق الشركات الناشئة في الحصول على حصة من ميزانية الدفاع الأوروبية

إذا قرر المستثمرون الراغبون في الاستفادة من طفرة الإنفاق الدفاعي في أوروبا ضخ أموالهم في شركات ناشئة فسيتعين عليهم تجاوز العديد من العقبات مثل الالتزام بإرشادات الاستدامة في الاتحاد الأوروبي ومواجهة الشركات الكبرى التي تهيمن على السوق.
قال جوليان بيك، المستثمر في سيكويا «نعتقد أنه اتجاه مهم، ونحن نستثمر فيه»، وقد استثمرت شركته 15.5 مليون دولار في شركة ستارك الألمانية للطائرات بدون طيار في أكتوبر 2024، وفقاً لموقع بيتش بوك.
وحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) على زيادة الإنفاق الدفاعي من 2 في المئة حالياً إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف خططه للإنفاق العسكري بالفعل.وبالفعل زادت قيمة تمويل رأس المال الاستثماري المتدفق إلى قطاع تكنولوجيا الدفاع الأوروبية إلى مليار دولار في عام 2024، ارتفاعاً من 200 مليون دولار عام 2020، ومع ذلك لم يُنتج قطاع تكنولوجيا الدفاع في أوروبا سوى ثلاث شركات ناشئة بقيمة مليار دولار (أحادية القرن)، وفي العام الماضي استقطب هذا القطاع 1.7 في المئة فقط من تدفقات رأس المال الاستثماري في أوروبا، وفقاً لمزود بيانات الشركات الناشئة «ديلروم».
العقبات
من بين أهم العوائق أمام دخول رأس المال الاستثماري الذي يستهدف تكنولوجيا الدفاع في أوروبا، قواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الصارمة للاتحاد الأوروبي (ESG)، والتي تحظر الاستثمار في التكنولوجيا الفتاكة ذات الاستخدام الواحد، وفقاً لأكثر من اثني عشر مستثمراً وشركة ومسؤولاً حكومياً قابلتهم رويترز.وتتلقى العديد من الصناديق الاستثمارية دعماً من حكومات الدول الأوروبية أو الاتحاد الأوروبي نفسه، وبالتالي هذه الصناديق محرومة من الاستثمار في الأسلحة ذات الاستخدام الواحد التزاماً بالاشتراطات.ونتيجةً لذلك، وعلى الرغم من دعم الاتحاد الأوروبي المُعلن لأوكرانيا، فإن إستونيا وفنلندا فقط هما الدولتان اللتان أنشأتا صناديق مدعومة حكومياً تسمح بالاستثمار في التقنيات الفتاكة أحادية الاستخدام.صرح بوريس موسييلاك، الشريك الإداري في شركة سموك فينتشرز، وهي شركة رأس مال مخاطر أميركية مقرها وارسو، بأن القواعد الأوروبية اضطرته إلى حصر استثماره في الأمن السيبراني.يقول يان هندريك بولينز، الرئيس التنفيذي لشركة ألباين إيجل، ومقرها ميونيخ وتُطور أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار، إن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تمثل عقبة أمام المستثمرين والشركات الناشئة، وقال «إذا كنت تستهدف إنتاج سلاح فتاك فستتعرض لصعوبات في الحصول على التمويل».
الاستخدام المزدوج
تسعى بعض شركات رأس المال الاستثماري إلى تجنب قيود الحوكمة الأوروبية من خلال ما يُسمى بالتقنيات «ذات الاستخدام المزدوج» في التطبيقات المدنية والعسكرية.تشمل هذه التقنيات الرؤية الحاسوبية، والروبوتات، وبرامج الأمن السيبراني، والطائرات بدون طيار.تُسوّق شركات تكنولوجيا الدفاع الأوروبية الثلاث الناشئة التي تجاوزت قيمتها حاجز المليار دولار نفسها على أن خدماتها ومنتجاتها ذات استخدام مزدوج، وهذه الشركات هي شركة برمجيات ساحات المعارك الألمانية «هيلسينغ»، وشركة صناعة الطائرات بدون طيار الألمانية «كوانتوم سيستمز»، وشركة الطائرات بدون طيار البرتغالية «تيكيفر». ستين تامكيفي، الشريك في منصة الاستثمار «بلورال» التي تتخذ من تالين ولندن مقراً لها، والتي استثمرت في «هيلسينغ»، يقول لرويترز «نحن نرى أن الدفاع عن مستقبل ديمقراطياتنا له منفعة أخلاقية، لكن قواعد الاستثمار ترى أن استخدام الأسلحة الفتاكة غير مقبول».وقال سفين كروك، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة كوانتوم سيستمز لأنظمة الطائرات المُسيرة، لرويترز «لقد أثبتنا قدرتنا على تحقيق النتائج المرجوة بفضل خبرتنا الممتدة لثلاث سنوات في جبهة القتال مع أكثر من 800 نظام عمل في أوكرانيا»، مضيفاً «سوق الدفاع يشهد ازدهاراً متزايداً، كل مستثمر يُنشئ الآن صندوقاً دفاعياً».في الشهر الماضي، جمعت شركة كوانتوم سيستمز 160 مليون يورو لتتجاوز قيمتها الإجمالية المليار دولار.
تغيير القواعد
مع نمو خطط الإنفاق الدفاعي، تستهدف المفوضية والحكومات الأوروبية إعادة صياغة القواعد للسماح بمشاركة المزيد من المستثمرين.من المتوقع أن تقترح المفوضية، الأسبوع المقبل، منح الحكومات مزيداً من المرونة في المشتريات الدفاعية، وهو تحدٍّ آخر تواجهه الشركات الناشئة.على مستوى الدول ألغت وكالة التقاعد الفنلندية بنداً كان يمنعها من الاستثمار في الصناعات الدفاعية، بينما أطلقت شركة بريستو فينتشرز بالشراكة مع شركة صناعة الأسلحة التشيكية CSG صندوقاً بقيمة 150 مليون يورو، العام الماضي، مع استهداف الاستثمار في الأسلحة ذات الاستخدام الواحد.