الصين تقلق من تأثير انشقاق قواعدها في طهران.. المصالح تفوق النفط بكثير

في خضم التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، تتجه أنظار بكين بقلق إلى ما هو أبعد من أسعار النفط وممرات الشحن.
تصاعد الرهان الصيني على إيران منذ توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي بين الطرفين في 2021، الذي يمتد لـ25 عاماً بقيمة 400 مليار دولار.
رغم العقوبات الأميركية، تحوّلت إيران إلى مورد نفط مهم للصين.. تضاعفت صادرات الخام إلى بكين من ماليزيا –التي تُستخدم كمحطة تمرير غير رسمية للنفط الإيراني– ثلاث مرات لتصل إلى 70 مليون طن في 2024 مقارنة بـ2021، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، بذلك أصبحت إيران ثالث أكبر مصدر للصين بعد روسيا والسعودية.لكن المصالح الصينية لا تتوقف عند حدود الطاقة. تلعب إيران، بموقعها الجغرافي وقدراتها العسكرية، دوراً محورياً في توازنات الشرق الأوسط، ووجودها القوي يشكّل ورقة ضغط دبلوماسية ثمينة للصين. في العام الماضي فقط، انضمت طهران إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ما منح بكين فرصة لتعزيز شراكاتها الأمنية والاقتصادية الإقليمية.وبحسب تقارير صحفية، فإن إيران لجأت إلى الصين للحصول على آلاف الأطنان من مكونات الصواريخ الباليستية لتعزيز قدراتها العسكرية. كما تشارك الدولتان، إلى جانب روسيا، في مناورات بحرية دورية تعكس متانة التنسيق الثلاثي في وجه التحالفات الغربية.لكن التصعيد العسكري الحالي يُهدّد هذه المكاسب، إذا ما ضعفت طهران أو تغيّر نظامها السياسي، فإن بكين قد تفقد موطئ قدم استراتيجياً في الخليج. ومن شأن ذلك أن يفتح الباب أمام مشاريع منافسة مثل «ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا» الذي تدعمه نيودلهي وواشنطن، ويهدف لتقليص نفوذ الصين في المنطقة.التوتر طال أيضاً علاقات الصين الخارجية الأوسع، إذ أظهرت الهند، العضو المؤسس في منظمة شنغهاي، تبايناً واضحاً مع بكين عندما رفضت بيان المنظمة الذي أدان هجمات إسرائيل على إيران.هذا التوتر قد يعمّق فجوة قائمة بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني، في وقتٍ تتحرك فيه نيودلهي لتوسيع شراكاتها مع تل أبيب والغرب.وفي دلالة إضافية على القلق المتزايد، دعت السفارة الصينية في إسرائيل مواطنيها إلى مغادرة البلاد فوراً عبر المعابر البرية، محذّرةً من تدهور الوضع الأمني.رغم دعوات بكين المتكررة إلى التهدئة واحترام سيادة إيران، فإن المعطيات على الأرض تُشير إلى أن بكين قد تكون الخاسر الأكبر من انهيار المشهد الإيراني. فأي تغيير في تركيبة القوة في طهران لن يقتصر تأثيره في أسواق النفط، بل قد يُضعف طموح الصين في تشكيل نظام إقليمي جديد يخفف من سطوة واشنطن.