مارك زوكربيرغ وشهادة لم تُنسَ.. بعد 7 سنوات على فضيحة كامبريج أناليتيكا

مارك زوكربيرغ وشهادة لم تُنسَ.. بعد 7 سنوات على فضيحة كامبريج أناليتيكا

في أبريل 2018 جلس مارك زوكربيرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لفيسبوك (التي أصبحت تُعرف لاحقاً بشركة «ميتا») أمام لجنة الطاقة والتجارة في الكونغرس الأميركي في واحدة من أكثر جلسات الاستماع شهرة وتأثيراً في تاريخ وادي السيليكون.
في أبريل 2018، لم يكن الكونغرس الأميركي جاهزاً بعد لمواجهة عالم تتحكم فيه الخوارزميات بمسارات تفكير الناس، ولم يكن الرأي العام يدرك بعد حجم التأثير الذي يمكن أن تمارسه شركات التكنولوجيا العملاقة في السياسة، والمجتمع، وحتى الحقيقة ذاتها.

حينها، اعتذر زوكربيرغ قائلاً:«لم نأخذ مسؤوليتنا بالقدر الكافي، وكان ذلك خطأً كبيراً.. كان خطئي، أنا آسف، لقد أسّستُ فيسبوك، وأنا من يُديره، وفي النهاية أنا المسؤول عمّا يحدث على هذه المنصة».لكن بعد مرور سبع سنوات على تلك الشهادة التاريخية، لا تزال الأسئلة نفسها مطروحة:هل أوفى زوكربيرغ بوعوده؟ هل تغيرت ممارسات الشركة بما يكفي لحماية المستخدمين وبياناتهم؟ أم أن وعود الإصلاح بقيت حبراً على ورق؟عندما وعد زوكربيرغ بالتغيير، في شهادته التي امتدت لساعات وتضمنت أكثر من 600 صفحة من الأسئلة والأجوبة، قدّم زوكربيرغ سلسلة من الوعود الواضحة:«سنقوم بمراجعة شاملة لجميع التطبيقات التي وصلت إلى كميات كبيرة من البيانات قبل 2014».«سنعمل مع جهات التحقيق الأميركية والبريطانية لضمان محاسبة المخالفين».«سنُعلم المستخدمين المتأثرين بأي تسريب أو إساءة استخدام».«لن يتمكن المطورون بعد الآن من الوصول إلى بيانات المستخدمين كما في الماضي».بل وذهب أبعد من ذلك عندما تعهّد بأن «المُعلنين والمطورين لن تكون لهم الأولوية على المستخدمين طالما أنا من يُدير فيسبوك».الواقع بعد سبع سنوات: الخصوصية بقيت تجارةرغم أن فيسبوك أجرى بعض التعديلات التقنية على نظام مشاركة البيانات، فإن نموذج العمل الأساسي لم يتغير، بل زاد تعقيداً، ولم تنشر ميتا نتائج تدقيق التطبيقات التي وعدت بها، كما استمرت في توسيع أدوات جمع البيانات عبر واتساب وإنستغرام وباقي تطبيقات «ميتا».وحين طُرح على زوكربيرغ في 2018 سؤال مباشر:«هل ستُغير إعدادات الخصوصية الافتراضية لتُقلّل من جمع البيانات؟»تهرّب من الإجابة بـ«نعم» أو «لا»، قائلاً إن الموضوع «معقّد»، وكانت هذه إجابة كاشفة.السياسة تدخل ساحة التحقق من الحقائقلكن التطور الأبرز الذي يُسجَّل ضد ميتا مؤخراً جاء مع إعلان الشركة إلغاء برنامج التحقق من المعلومات واستبداله بما يُعرف بـ«ملاحظات المجتمع»، على غرار ما اعتمده إيلون ماسك في منصة X (تويتر سابقاً).إلغاء نظام التحقق يفتح الباب على مصراعيه أمام التضليل، ويعيدنا خطوة إلى الوراء في معركة محاربة الأخبار الزائفة.الخصوصية لم تعُد كافيةلم يكن استجواب زوكربيرغ في 2018 مجرد لحظة إعلامية، بل لحظة مفصلية في النقاش حول الخصوصية الرقمية.لكن بعد سبع سنوات، أصبح واضحاً أن المسألة تتجاوز حماية البيانات، لتشمل نزاهة المعلومات، والتوازن بين حرية التعبير والحقيقة، ومساءلة شركات تكنولوجية تملك قوة لا تُضاهى.قال زوكربيرغ في 2018:«نحن بحاجة إلى بعض التنظيم.. لكن علينا أن نحذر من أن يعوق هذا الابتكار.»لكن الواقع أن ميتا استخدمت هذا «التحذير» كدرع للتملص من أي تنظيم حقيقي، بل واصلت الضغط ضد مشاريع قوانين تُلزمها بالشفافية.من يراقب الرقيب؟ما بين وعود الإصلاح في 2018 وإلغاء التحقق من الحقائق في 2025، يتّضح أن ميتا لم تتعلّم الدرس، بل ضاعفت من ممارسات تُهدد البنية التحتية للمعلومات عالمياً.فالخصوصية أصبحت رفاهية، والحقيقة مسألة نسبية، والمستخدم مجرّد خوارزمية في معادلة الإعلانات.ويبقى السؤال: من يتحكم في البيانات؟ من يقرر ما الذي يظهر على شاشاتنا؟ وهل يمكن للديمقراطية أن تزدهر في بيئة يتم فيها تصميم المعلومات وفق خوارزميات خفية؟في عام 2018، تصدر زوكربيرغ العناوين، لكن القضية كانت وما تزال أكبر من شخص أو شركة، إنها لحظة مفصلية في تاريخ علاقتنا مع التكنولوجيا، وما لم تتغير قواعد اللعبة، فسنجد أنفسنا أمام نسخ جديدة من «كامبريدج أناليتيكا»، لكن بأسماء وأشكال أكثر تطوراً وخفاء. تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.