من الحجاب إلى البنوك.. المستهلك المُسلم يعيد تشكيل أسواق جنوب شرق آسيا

بينما يعيد العالم تنظيم سلاسل التوريد، تتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى منطقة جنوب شرق آسيا، ويبرز من بين المستهلكين قوة ديمغرافية متنامية: 281 مليون مسلم يشكلون نحو 40 في المئة من السكان.
موضة محتشمة وصناعة تجميل ملتزمة
شهدت العلامة الإندونيسية وارداه، المتخصصة في مستحضرات التجميل الحلال، نمواً لافتاً منذ 2005، وهي اليوم تسيطر على 30 في المئة من سوق التجميل في إندونيسيا، وتوسعت إلى ماليزيا وبروناي، وفق موقع فورتشن.
أما شركة باتونسكارفز فقد بدأت في 2016 من منتج واحد: الحجاب، لتتحول إلى مجموعة أزياء متكاملة ضمن شركة مودينيتي التي حققت إيرادات بين 80 و100 مليون دولار عام 2024.تقول المؤسسة والمديرة التنفيذية، ليندا أنغريا «أردت بناء علامة تمكن المرأة المسلمة من الثقة بنفسها، وتجمع بين الجودة العالية والتصميم الراقي».
التمويل الإسلامي يزدهر في ماليزيا ويترسخ في إندونيسيا
في قطاع التمويل، تبرز ماليزيا كقوة إقليمية في الخدمات المصرفية الإسلامية، إذ أسهمت بنسبة 28 في المئة من أرباح ماي بنك لعام 2023 البالغة 14.2 مليار دولار.ويمتد نشاط البنك إلى إندونيسيا، إذ نمت أصول فرعه الإسلامي بنسبة 4.7 في المئة، لتبلغ 2.6 مليار دولار في 2024.التمويل الإسلامي يُبنى على مبادئ مثل المرابحة وتجنب الفوائد، ما يمنحه جاذبية لدى شرائح واسعة تبحث عن أدوات مالية أخلاقية ومستقرة.
التكنولوجيا والدعم الحكومي يعززان الاقتصاد الحلال
التحول الرقمي سهّل وصول الشركات الحلال إلى المستهلكين عبر المؤثرين والدعاة والرياديين على السوشيال ميديا. وتخطط إندونيسيا لفرض اعتماد شهادة الحلال على جميع مستحضرات التجميل بدءاً من أكتوبر تشرين الأول 2025، في إطار قانون ضمان المنتجات الحلال الصادر عام 2014.وتقول ساري تشايرونيسا من وارداه إن المنتجات الحلال بدأت تكتسب قيمة عالمية باعتبارها «مستدامة وطبيعية»، حتى من قبل غير المسلمين.
من خيار ديني إلى نمط عالمي
أصبحت الموضة المحتشمة أكثر قبولاً عالمياً، بدعم من العروض الدولية والمؤثرين الذين يُظهرون أن الحجاب لا يتعارض مع الأناقة، حتى شركات عالمية مثل إتش آند إم ولوريال بدأت بإطلاق خطوط تلبي حاجات المستهلك المسلم في الأسواق المحددة.وفي السياق ذاته، حذرت شركة بيرجايا فود، المالكة لامتياز ستاربكس في ماليزيا، من تراجع كبير في الإيرادات بسبب مقاطعة المستهلكين على خلفية موقفهم من الصراع في غزة، ما يعكس مدى قوة الوعي السياسي للمستهلك المسلم في توجيه السوق.وتختم ساري قائلة «أعتقد أن الحلال سيصبح في المستقبل مفهوماً عالمياً تماماً مثل كلمة إيكيغاي اليابانية.. فكرة مستوردة لكن يتبناها الجميع».