هل يخشى ترامب تكرار مصير بوش الأب؟

هل يخشى ترامب تكرار مصير بوش الأب؟

لطالما كانت العلاقة بين الرؤساء الأميركيين ورؤساء الاحتياطي الفيدرالي محط أنظار المراقبين، خاصةً عندما تتقاطع السياسات النقدية مع الأجندات السياسية، في تسعينيات القرن الماضي واجه الرئيس جورج بوش الأب تحديات اقتصادية كبيرة، وكان يأمل في أن يقوم رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، آلان غرينسبان، بخفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، إلا أن غرينسبان رفض ذلك، ما أسهم في تراجع شعبية بوش وخسارته في الانتخابات.
في بداية التسعينيات، دخل الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى 7.8% وتباطأ النمو الاقتصادي، الرئيس بوش الأب، الذي كان يواجه ضغوطاً سياسية واقتصادية، طلب من غرينسبان خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد قبل الانتخابات، إلا أن غرينسبان رفض ذلك، مبرراً قراره بالخوف من التضخم، هذا القرار أثار انتقادات واسعة، حيث اعتبره البعض سبباً رئيسياً في خسارة بوش للانتخابات لصالح بيل كلينتون.

في عام 2025، يواجه الرئيس دونالد ترامب تحديات اقتصادية مشابهة، مع تزايد الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، ترامب، الذي عين جيروم باول رئيساً للاحتياطي الفيدرالي في عام 2017، أعرب عن استيائه من سياسات باول، واصفاً إياه بـ”الخاسر الكبير”، ومطالباً بخفض فوري لأسعار الفائدة.ورغم حدة التصريحات، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه “لا ينوي إقالة” رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وذلك رغم انتقاداته المتكررة له بشأن السياسة النقدية، وفي تصريحات من المكتب البيضاوي في 22 أبريل، عبّر ترامب عن إحباطه من نهج البنك المركزي، قائلاً إنه يتمنى لو أن باول “كان أكثر نشاطاً” في خفض أسعار الفائدة.وقد جاءت تصريحات ترامب في أعقاب فترة من الانتقادات المتصاعدة، وصف خلالها باول بأنه “خاسر كبير”، ما أدى إلى تراجع مؤقت في أسواق الأسهم والسندات والدولار الأميركي، إلا أن الأسواق عادت إلى الاستقرار تدريجياً في الأيام التالية.الاستقلالية القانونية للاحتياطي الفيدراليرغم الضغوط السياسية، يتمتع الاحتياطي الفيدرالي باستقلالية قانونية تمنع الرئيس من إقالة رئيسه دون سبب وجيه، هذا ما أكده باول، مشيراً إلى أنه لن يستقيل من منصبه، وأن القانون لا يسمح للرئيس بإقالته دون مبرر قانوني.تأثير الضغوط على الأسواق الماليةالضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي أثرت سلباً على الأسواق المالية، فقد شهدت الأسواق تقلبات حادة، مع تراجع قيمة الدولار الأميركي وارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، حيث وصل سعر الأونصة إلى 3,500 دولار، هذا يعكس قلق المستثمرين من تدخلات سياسية قد تقوض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. المخاوف من تكرار السيناريو التركييشير بعض المحللين إلى أن التدخل السياسي في سياسات البنك المركزي قد يؤدي إلى نتائج كارثية، كما حدث في تركيا، حيث أدى تدخل الرئيس أردوغان في سياسات البنك المركزي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتدهور العملة المحلية.تُظهر الأحداث الحالية أن الضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي ليست جديدة، لكنها تحمل مخاطر كبيرة على الاستقرار الاقتصادي.