هل تُحفّز الرسوم الجمركية الأميركية التحوّل إلى الطاقة المتجددة في آسيا؟

هذا الشهر أعلنت واشنطن عن خطط لفرض رسوم جمركية باهظة على الألواح الشمسية المُصنّعة في كمبوديا وفيتنام وتايلاند وماليزيا.
بدأ التحقيق قبل تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه، وفي حال الموافقة النهائية على هذه الخطط، الشهر المقبل، ستُضاف إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب بالفعل، بما في ذلك رسوم شاملة بنسبة 10 في المئة على معظم الدول، ومعدلات متباينة على كل دولة تصل إلى 145 في المئة على السلع صينية الصنع.من المُرجّح أن تكون العواقب وخيمة على السوق الأميركية في هذا القطاع، إذ تُصنّع الصين ثمانية من كل عشرة ألواح شمسية على مستوى العالم، وتسيطر على 80 في المئة من كل مرحلة من مراحل التصنيع.
قال المدير الإداري لمعهد إنرجي شيفت للأبحاث، بوترا أديجونا، إن الرسوم الجمركية الجديدة ستجعل تصدير منتجات الطاقة الشمسية من شرق أسيا إلى الولايات المتحدة «مستحيلاً تجارياً».واستحوذت منطقة جنوب شرق آسيا على ما يقرب من 80 في المئة من صادرات الألواح الشمسية إلى السوق الأميركية في عام 2024.ورغم تزايد الاستثمار في إنتاج الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، فإن السوق لا تزال تعتمد بشكل كبير على المكونات المستوردة.بالنسبة للمُصنعين الصينيين، الذين يتعاملون بالفعل مع سوق محلية مشبعة، فإن سلسلة الرسوم الجمركية هي أخبار سيئة للغاية، خاصةً بعد أن نقل العديد منهم عملياته الإنتاجية إلى الدول القريبة في جنوب شرق آسيا على أمل تجنب الإجراءات العقابية التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي في محاولتهما حماية وتنمية صناعات الطاقة الشمسية المحلية.تتراوح الرسوم الجمركية الجديدة المقترحة من نحو 40 في المئة على بعض الصادرات الماليزية إلى نسبة هائلة تبلغ 3521 في المئة على بعض المُصنعين في كمبوديا.
تسريع التحول
هناك جانب إيجابي مُحتمل للمنطقة، كما أوضح بن ماكارون، المدير الإداري لشركة آسيا للأبحاث، «من المرجح أن تُسرّع الرسوم الجمركية والحرب التجارية عملية التحول في قطاع الطاقة في جنوب شرق آسيا».يفسر ماكارون رأيه بأن الصين ستعزز جهودها في الأسواق الإقليمية، وستدفع باتجاه سياسات وخطط تنفيذية تُمكِّن من التبني السريع للطاقة الخضراء في جميع أنحاء جنوب شرق أسيا.لطالما حذّر المحللون من أن دول المنطقة تتحرك ببطء شديد في التحول من الوقود الأحفوري المُسبب للاحتباس الحراري، مثل الفحم، وقال مركز أبحاث الطاقة «إمبر» في تقرير صدر العام الماضي «بالوتيرة الحالية، تُخاطر (جنوب شرق آسيا) بفقدان الفرص التي يُتيحها انخفاض تكاليف طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي أصبحت الآن أرخص من الوقود الأحفوري».على سبيل المثال، اعتمدت ماليزيا على الوقود الأحفوري بنسبة تتجاوز 80 في المئة لتوليد الكهرباء العام الماضي، وتهدف إلى توليد 24 في المئة فقط من الطاقة اعتماداً على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وهو هدف وُجهت إليه انتقادات شديدة لكونه لا يتماشى مع أهداف المناخ العالمية.وأوضح مويي يانغ، كبير محللي الطاقة في «إمبر»، أن نظام التعريفات يُمثل فرصة مزدوجة للمنطقة.حتى الآن، اتسمت صناعة الطاقة الشمسية المحلية «بنهج انتهازي إلى حد كبير، مُركزةً على الاستفادة من الموارد المحلية أو مزايا العمالة لتحقيق مكاسب تصديرية»، حسب ما صرح لوكالة الأنباء الفرنسية.ونظراً للانقطاع المتوقع عن السوق الأميركية، يُمكن للأسواق الأسيوية التركيز على التحولات الإقليمية في مجال الطاقة، وتسريع الاعتماد على الطاقة الخضراء محلياً، وقيادة سوق جديدة «يمكن أن تُشكل تحوطاً طبيعياً ضد التقلبات الخارجية».مع ذلك لن يكون الاستغناء عن السوق الأميركية بالأمر السهل، نظراً لحجمها الكبير، وصغر السوق الأسيوية (الناشئة نسبياً) في مجال استهلاك الطاقة المتجددة.قال يانغ «يعتمد النجاح على إطلاق ثورة محلية في مجال التكنولوجيا النظيفة».وقال أديجونا «قد تكون أسعار (التصفية) جذابة لبعضهم»، نتيجة الإنتاج المُفرط الذي لن يتم تصريفه في السوق الأميركية، «لكن دول المنطقة وخارجها قد تكون أيضاً حذرة بشأن تدفق مكونات توليد الطاقة الشمسية».طبقت أسواق رئيسية مثل إندونيسيا والهند بالفعل تدابير تهدف إلى دعم إنتاج الطاقة الشمسية محلياً، لكن أديجونا يُحذر «سيتردد الكثيرون في الاستيراد الضخم لمكونات التحول إلى الطاقة الشمسية، ستكون الأولوية للتوازن التجاري، كما سيهدف كل من هذه الدول إلى خلق وظائف محلية خضراء، بدلاً من الاستيراد من دول أخرى».