أوروبا تجذب العقول.. 500 مليون يورو لاحتضان الباحثين

اختارت أوروبا أن ترسل رسالة قوية وواضحة إلى علماء العالم، «مكانكم هنا»، من قلب جامعة السوربون في باريس، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن حزمة تمويل جديدة بقيمة 500 مليون يورو (567 مليون دولار) على مدى ثلاث سنوات، تهدف إلى تحويل أوروبا إلى وجهة جاذبة للباحثين، في وقت تتراجع فيه أميركا عن دورها التقليدي في دعم العلم.
وأشار إلى إلغاء مئات المنح البحثية في أميركا لمجرد تضمّنها كلمات مثل «التنوع» أو «المساواة»، مؤكداً أن «أحد أكبر النماذج الديمقراطية في العالم لم يكن من المتوقع أن يمحو بجرّة قلم قدرة الباحثين على الحصول على تأشيرات، أو أن يلغي تمويل برامج بحثية فقط لأن فيها كلمة لا تروق للسلطة».في المقابل، شددت فون دير لاين على أن «العلم الحر والمفتوح هو بطاقة هوية أوروبا»، معلنة أن المفوضية الأوروبية تسعى لتثبيت حرية البحث العلمي قانونياً، كما أكدت ضرورة التزام الدول الأعضاء بهدف تخصيص 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبحث والتطوير بحلول عام 2030.
تأتي التحركات الأوروبية في ظل سلسلة قرارات مثيرة للجدل في الولايات المتحدة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أبرزها خفض ميزانية «مؤسسة العلوم الوطنية» الأميركية، وإلغاء دعم أبحاث حول المناخ والصحة العامة، بما في ذلك معهد مختص ببحوث التمريض.وبحسب ما نُشر على الموقع الرسمي للمؤسسة، فإنها ستتوقف عن تمويل أي بحث بشأن المعلومات المضللة إذا تعارض مع الأمر التنفيذي الصادر في يناير بشأن «استعادة حرية التعبير».أثار التحول في السياسة الأميركية قلقاً في الأوساط العلمية العالمية، إذ كانت أميركا لعقود رائدة في تمويل البحث والتطوير، ومستقطبة لأبرز العقول المهاجرة، ويبدو أن هذا الدور ينتقل تدريجياً إلى أوروبا التي تسعى لتملأ الفراغ من خلال توفير بيئة بحثية حرة، ومستقرة، وممولة بشكل كاف.من الناحية الاقتصادية، فإن هذا الاستثمار الأوروبي لا يقتصر على الجانب الرمزي أو السياسي فحسب، بل يمثل رهاناً استراتيجياً على أن العلم والبحث هما مفتاح القدرة التنافسية في الاقتصاد العالمي القادم، جذب العلماء يعني جذب الابتكار، وجذب الابتكار يعني جذب النمو والتفوق التكنولوجي.أوروبا، باختصار، تحوّل «الأزمة الأميركية» إلى «فرصة أوروبية».(بقلم أوليسيا ديمتراكوفا، CNN)