سوق الأسهم تمر بمأساة مالية بسبب الرسوم الجمركية الضخمة

انخفضت معظم الأسهم الآسيوية، وتراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية اليوم الأربعاء، بعد دخول الرسوم الجمركية «المتبادلة» الضخمة التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حيز التنفيذ، ما قلب التجارة العالمية رأساً على عقب. تفرض هذه الرسوم، وهي الأكبر في أميركا منذ قرن، ضرائب استيراد ضخمة شاملة، يصل بعضها إلى 50 في المئة، على عشرات الدول.
وقد سيطر الخوف على المستثمرين في جميع أنحاء العالم، إذ تهدد الرسوم الجمركية بدفع الاقتصادين العالمي والأميركي إلى حالة ركود هذا العام، وستتحمل الشركات والمستهلكون في نهاية المطاف فواتير الرسوم الجمركية الضخمة هذه، وقد أدى عدم اليقين إلى تباطؤ في التوظيف وإنفاق المستهلكين.
انخفض مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 4 في المئة، وتراجع مؤشر هانغ سنغ الهونغ كونغي بنسبة 1.5 في المئة بعد أن أخذ استراحة مؤقتة أمس الثلاثاء، وقبل ذلك بيوم، يوم الاثنين، انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 13 في المئة، وهو أكبر انخفاض يومي للمؤشر منذ الأزمة المالية الآسيوية عام 1997. دخل مؤشر كوسبي القياسي في كوريا الجنوبية منطقة الهبوط يوم الأربعاء، منخفضاً بنسبة 20 في المئة عن ذروته الأخيرة في يوليو 2024، بعد أن أعلنت البلاد عن تدابير دعم طارئة بقيمة 1.3 مليار دولار لصناعة السيارات في سعيها للتخفيف من وطأة رسوم إدارة ترامب الجمركية، وخسر المؤشر أكثر من 1 في المئة في التعاملات المبكرة. وشهدت أسواق تايوان انخفاضاً حاداً، إلا أن سوق الأسهم في شنغهاي كان يحقق مكاسب طفيفة، في حالة استثنائية وسط موجة من الخسائر. انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل حاد بعد يوم الثلاثاء المتقلب، الذي بدا في البداية كأنه انتعاش قوي بعد عدة أيام من الانخفاضات الهائلة، ولكن في مؤتمر صحفي عُقد بعد ظُهر أمس الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن الصين فوتت الموعد النهائي لإلغاء رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34 في المئة فُرضت على السلع الأميركية يوم الجمعة، لذا ضاعفت إدارة ترامب رسومها الجمركية الإضافية على الصين صباح الأربعاء. هذا يعني أن جميع البضائع الصينية الواردة إلى الولايات المتحدة ستخضع لرسوم جمركية لا تقل عن 104 في المئة. ولا تزال العديد من الدول الأخرى التي تجنبت ما يسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة، وهي في الواقع ليست متبادلة، تواجه رسوماً جمركية شاملة بنسبة 10 في المئة على الأقل، فرضتها إدارة ترامب يوم السبت.
سوق هابطة قياسية
انخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بمقدار 750 نقطة، أي بنسبة 2 في المئة، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.2 في المئة، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك بنسبة 2.5 في المئة. ومن المتوقع أن يفتتح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعاملاته بالهبوط، مسجلاً انخفاضاً سريعاً ومذهلاً بنسبة 20 في المئة عن أعلى مستوى تاريخي سجله المؤشر قبل سبعة أسابيع فقط في 19 فبراير. إذا أغلق سوق الأسهم الأميركية على هبوط، فسينهي ذلك موجة صعود استمرت منذ ذروة أزمة التضخم في منتصف أكتوبر 2022، مسجلاً بذلك ثاني أسرع انخفاض من مستوى «قياسي مرتفع» إلى مستوى «سوق هابطة» في تاريخ مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الممتد لسبعة عقود. فقط جائحة كوفيد- 19 هي التي دفعت الأسهم إلى سوق هابطة بوتيرة أسرع. وانخفض سعر النفط الأميركي بأكثر من 4 في المئة إلى ما دون 57 دولاراً للبرميل، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2021، وانخفض خام برنت القياسي بالقرب من 60 دولاراً للبرميل، بسبب مخاوف المستثمرين من أن يؤدي الركود العالمي إلى تقليص الطلب على السفر والنقل والشحن، وكلها أمور مرتبطة بالوقود. بدلاً من ذلك ضخ المستثمرون أموالهم في الملاذات الآمنة التقليدية، مثل الذهب، وارتفع سعر الذهب بأكثر من 1 في المئة، ليقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق. ولكن من المثير للدهشة أن عوائد سندات الخزانة الأميركية ارتفعت في الأيام الأخيرة مع إقبال المستثمرين على بيع السندات، فعائد سندات العشر سنوات القياسي، الذي انخفض إلى أقل من 4 في المئة في وقت سابق من الأسبوع، عاد فجأةً ليتجاوز 4.3 في المئة. عادةً في أوقات الأزمات يستثمر المستثمرون أموالهم في السندات طويلة الأجل على أمل حل مشاكل السوق قصيرة الأجل على المدى الطويل، لكن سوق السندات، كما هي الحال في سوق الأسهم، قد تتأثر بالتقلبات الحادة التي شهدتها الأيام الأخيرة، ويتجه بعض المستثمرين إلى الانسحاب منها.