هل تستطيع باكستان محاربة الهند بأموال مقترضة؟

بدأت التوترات العسكرية بين الهند وباكستان، في أعنف مواجهة بين الجارتين النوويتين منذ أكثر من 20 عاماً، وعلى الرغم من أن البلدين سوف يتأثران اقتصادياً بسبب هذه التوترات العسكرية؛ فإن الاقتصاد الباكستاني سيكون صاحب المعاناة الأكبر، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية التي تعاني منها باكستان.
ولكن تستطيع الهند أن تجعل من الصعب على باكستان الحصول على قروض من الوكالات المتعددة الأطراف، في حين أن العديد من الدول الصديقة لباكستان، والتي تعتبر صديقة للهند، سوف تتردد لإنقاذ إسلام أباد.
هل تستطيع باكستان خوض حرب بتمويل القروض؟
قال أشخاص مطلعون على المناقشات لوكالة «إي.تي»، إن الهند قد تعارض قرضاً مقترحاً بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لباكستان في الاجتماع المقبل لمجلس إدارة المؤسسة المتعددة الأطراف في التاسع من مايو المقبل.وأضافت المصادر «هناك وجهة نظر مفادها أنه يجب الإشارة إلى دعم الدولة المجاورة للإرهاب في اجتماع مجلس الإدارة عند الموافقة على القرض، إذ سيناقش مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في 9 مايو 2025 ترتيباً جديداً بقيمة 1.3 مليار دولار لباكستان في إطار برنامج قروض التكيف مع تغير المناخ، كما سيُجري مراجعة لحزمة الإنقاذ الحالية البالغة 7 مليارات دولار، بما في ذلك التقدم المحرز في تحقيق الأهداف السياساتية».وكانت نيودلهي قد امتنعت سابقاً عن التصويت على حزمة الإنقاذ المُقدمة لجارتها لدعم اقتصادها المتعثر. وقال مصدر آخر إن نيودلهي قد تُصوّت هذه المرة ضد مساعدة صندوق النقد الدولي لباكستان، مُشيرةً إلى سوء استخدام الأموال وأسباب فنية.وتوصل صندوق النقد الدولي وباكستان في يوليو 2024 إلى اتفاق بشأن حزمة تمويل بقيمة 7 مليارات دولار بموجب تسهيل الصندوق الممدد، ويشترط البرنامج على باكستان تطبيق سياسات وإصلاحات فعّالة لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، ومعالجة التحديات الهيكلية العميقة، وتهيئة الظروف لنمو أقوى وأكثر شمولاً ومرونة. ويُصرف مبلغ الـ7 مليارات دولار على دفعات، وموافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي ضرورية لإصدار الدفعة التالية البالغة مليار دولار.وقبيل اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 9 مايو المقبل للنظر في قرض جديد، إلى جانب المراجعة الأولى لحزمة الإنقاذ الجارية لباكستان والبالغة 7 مليارات دولار، أعلنت الهند عن تعيين مدير جديد في مجلس إدارة الصندوق.وعُهد إلى باراميسواران آير، المدير التنفيذي للبنك الدولي، مؤقتاً بمسؤولية المدير المرشح للهند في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، حيث جاء ترشيح آير لشغل منصب شاغر نتج عن إنهاء خدمات كيه في سوبرامانيان كمدير تنفيذي في صندوق النقد الدولي، قبل ستة أشهر من انتهاء فترة ولايته التي استمرت ثلاث سنوات، ويُقال إن تعيين آير يهدف إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية الهندية لدى صندوق النقد الدولي.
الاقتصاد الباكستاني في خطر
في ذات الوقت تحاول باكستان أن تثبت لمقرضيها أنها تعمل على تحسين ظروفها الاقتصادية الكلية، إذ أكدت أن اقتصادها البالغ 350 مليار دولار قد استقر في ظل خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي البالغة 7 مليارات دولار والتي ساعدتها في تجنب خطر التخلف عن السداد.وانخفض التضخم في باكستان لعدة أشهر، إذ وصل إلى أدنى مستوياته في خانة العشرات في فبراير، بعد أن ارتفع إلى نحو 40 في المئة في مايو 2023، ووسط تراجع التضخم، قرر البنك المركزي الباكستاني خفض سعر الفائدة بنسبة 1 في المئة، ليصل إلى 11 في المئة.وخفض البنك المركزي سعر الفائدة باستمرار، وقد خفضه حتى الآن بمقدار 1000 نقطة أساس من 22 في المئة منذ يونيو 2024. ويُعزى انخفاض التضخم في المقام الأول إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل القمح ومشتقاته والبصل والبطاطس وبعض البقوليات، فضلاً عن خفض رسوم الكهرباء والوقود.وكان صندوق النقد الدولي قد ذكر، في بيان له في مارس الماضي، أنه على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، أحرزت باكستان تقدماً ملحوظاً في استعادة استقرار اقتصادها الكلي وإعادة بناء الثقة، على الرغم من البيئة العالمية الصعبة. وأضاف الصندوق في بيانه عن باكستان «بينما لا يزال النمو الاقتصادي معتدلاً، انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ عام 2015، وتحسنت الأوضاع المالية، وتقلصت فروق العائد السيادي بشكل ملحوظ، وازدادت قوة الموازين الخارجية».
تأثير الحرب على الاقتصاد الباكستاني
ومع ذلك، فإن تكلفة التوترات الحدودية الممتدة مع الهند، ناهيك عن الصراع الطويل الأمد، قد تُبدد المكاسب الاقتصادية التي حققتها باكستان منذ أن انتشلتها من حافة الإفلاس في عام 2023.ومن المرجح أن يُلقي التصعيد المستمر في التوترات مع الهند بظلاله على نمو باكستان، ويعوق جهود الحكومة المستمرة لضبط أوضاع المالية العامة، ما يعوق تقدم باكستان في تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني.وحذرت وكالة التصنيف العالمية من أن استمرار تصاعد التوترات قد يعوق وصول باكستان إلى التمويل الخارجي، ويضغط على احتياطياتها من النقد الأجنبي، التي لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب لسداد ديونها الخارجية للسنوات القليلة المقبلة. وقد تجاوزت احتياطيات باكستان من النقد الأجنبي 15 مليار دولار بالكاد، بينما تجاوزت احتياطيات الهند 688 مليار دولار.وقد يؤدي تعليق الهند معاهدة مياه نهر السند إلى انخفاض حاد في إمدادات المياه في باكستان، ما سيؤثر على الإنتاج الزراعي، ويرفع التضخم الذي خفّضته باكستان إلى مستويات منخفضة من خانة العشرات، بعد أن كان يقارب 40 في المئة في عام 2023.