الحوسبة الكمومية تغير قواعد اللعبة والإمارات تبني نماذج ذكية لتحقيق السيادة الرقمية

الحوسبة الكمومية تغير قواعد اللعبة والإمارات تبني نماذج ذكية لتحقيق السيادة الرقمية

بينما تتسارع وتيرة السباق نحو التفوّق الكمّي على المستوى العالمي، تبرز أبوظبي كمنافس جاد يتحضر للمستقبل ليس فقط في تطوير التقنيات المتقدمة، بل أيضاً في وضع أطر الحوكمة التي تضبطها، «الحوسبة الكمية ستعيد كتابة القواعد»، بحسب ما صرّح به كبير الباحثين في قسم الأبحاث في معهد الابتكار التكنولوجي (TII)، حكيم حسيد لـCNN الاقتصادية خلال قمة حوكمة التقنيات الناشئة، وتعقد قمة حوكمة التقنيات الناشئة في أبوظبي بين 5-6 مايو الجاري.

خريطة طريق مرنة في زمن متسارع

وأضاف حسيد أن الإمارات لم تكتفِ بالاستثمار في تقنيات عالية الإمكانات، «هناك الكثير من الاستثمارات في البحث والتطوير في أبوظبي تدعم هذه التقنيات بشكل ملموس»، مشيراً إلى أمثلة مثل معهد الابتكار التكنولوجي (TII)، الذي يحتضن مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة (ATRC) الذي هو مركز مخصص لأبحاث الكم Quantum Computer.

لكن عند سؤاله عن كيفية قياس هذا الجهد، تحفظ عن مشاركة أرقام قائلاً إن الأمر لا يتعلق بحجم الاستثمار أو بعدد براءات الاختراع، بل بالتأثير، وبخريطة الطريق التي تضعها ومدى قدرتك على تنفيذها.
خلافاً لنهج البحوث طويلة المدى، تعتمد أبوظبي على خطط مرنة قابلة للتحديث، «لم نعد في عصر الخرائط الممتدة لعشرين أو ثلاثين عاماً»، يقول «اليوم علينا تحديث خريطة الطريق كل ستة أشهر أو سنة».وذلك لأن مجالات مثل الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي تتغير بسرعة هائلة؛ الإمارات ترد بالتكيّف المستمر، وبناء أطر حوكمة متعددة التخصصات، على حد قوله.

حوكمة تدعم الابتكار لا تعرقله

كما أكد أن التنظيم موجود «لدعم الابتكار، لا لعرقلته»، لافتاً إلى التعاون والتنسيق المستمر بين فرق الحوكمة في أبوظبي تشمل خبراء من خلفيات تقنية، وقانونية، وحكومية.واستشهد حسيد بمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة كمثال «هذا المجلس يراقب جميع التقنيات المتقدمة والناشئة، ويضمن وجود تنظيم يلتزم به الجميع».وأضاف حسيد أن نهج المصدر المفتوح الذي تعتمده الإمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي يعزز الثقة من خلال الشفافية.«فالثقة لا تُبنى فقط بالقوانين، بل بالشفافية، على حد تعبيره»، إحدى النقاط المميزة في الإمارات هي اعتمادنا الكبير على المصدر المفتوح، وهذا ما دفعنا إلى إتاحة نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بنا للجميع.وتابع «نريد أن يطّلع الناس على ما نبنيه، ويضمنوا أنه آمن، وإذا كانت هناك ملاحظات أو ثغرات، فنحن منفتحون لتصحيحها».

نموذج فالكون.. من المختبر إلى السوق

وأفاد حسيد بأن نموذج الذكاء الاصطناعي «فالكون»، المطوّر في معهد الابتكار التكنولوجي، «لم يبقَ مشروعاً بحثياً فقط، إذ قررنا السير في المسارين معاً: تعزيز قدرات فالكون عبر البحث والتطوير، وتطويره تجارياً» مؤكداً أن «فالكون مدمج اليوم في حلول متعددة الوسائط، ونحن نطوره باستمرار ليصبح أقوى وأكثر قدرة على التحليل والمنطق».

هل الحوكمة هي العائق الحقيقي؟

وعلى عكس ما يُعتقد، لا يرى أن الحوكمة هي السبب الرئيسي في غياب الثقة العامة، «أكبر تحدٍ هو تعويد الناس على استخدام هذه التقنية، المسألة مرتبطة بالمعرفة والتثقيف». وأوضح أن معظم الناس يخافون مما قد يحصل في الخلفية، وذلك لعدم الإدراك الكافي بهذه التقنيات.ورأى أن التنظيم يجب أن يبدأ من «تنظيم الاستخدام»، وليس من التكنولوجيا نفسها، «فتكمن البداية في الطبقات العليا في دورة حياة الذكاء الاصطناعي، قبل أن ننزل إلى التفاصيل الدقيقة».ورغم أهمية التنظيم الذاتي، دعا حكيم إلى تنسيق عالمي، ربما يمكن للأمم المتحدة أن تقود هذا الجهد، لكن لا يجب التسرّع في فرض تشريعات صارمة، لأننا لا نزال في مرحلة استكشاف، وهناك أشياء سلبية وأخرى إيجابية، محذراً من ترك اتخاذ القرار بالكامل للآلة «علينا أن نُبقي الإنسان في الحلقة مهما تطورت القدرات».وأوصى بالتركيز على العنصر الثالث وهو التعليم والتوعية، «نحتاج إلى برامج في الجامعات والمدارس تشرح ما يمكن وما لا يمكن فعله بالذكاء الاصطناعي، وأين تقع حدود الأخلاق والمسؤولية».