محللون: رسوم ترامب الجمركية ستغير مشهد استهلاك الطاقة في العالم

محللون: رسوم ترامب الجمركية ستغير مشهد استهلاك الطاقة في العالم

مع دخول رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية على غالبية دول العالم حيز التنفيذ، يتوقع خبراء النفط والطاقة تأثر مشهد استهلاك الطاقة العالمي بتلك الرسوم، إذ سيعتمد التغيير في سوق الطاقة العالمي على كيفية إعادة هيكلة تدفقات التجارة ومراكز التصنيع وسلاسل التوريد استجابةً لتلك الرسوم.
يقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، لـ«CNN الاقتصادية»، إن فرض الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية قد يؤثر بالفعل على مشهد استهلاك الطاقة العالمي، إلا أن مدى وطبيعة هذه التغييرات سيعتمدان على كيفية إعادة هيكلة تدفقات التجارة ومراكز التصنيع وسلاسل التوريد استجابةً لذلك، «إذ قد تدفع الرسوم الجمركية قطاعي التصنيع والصناعة إلى الانتقال، ما قد يُقلل الطلب على الطاقة في بعض المناطق ويزيده في مناطق أخرى».
وأضاف جوربناز، أن مزيج الطاقة الأوسع والاستثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية، خاصةً مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، سيلعب دوراً رئيسياً أيضاً، «فلن يتغير المشهد بين عشية وضحاها، ولكن اتجاه الانتقال الصناعي قد يُعيد تشكيل أنماط استهلاك الطاقة الإقليمية تدريجياً، حيث قد يؤدي نقل الإنتاج من الصين إلى دول مثل فيتنام أو الهند أو المكسيك إلى زيادة استهلاك الطاقة الصناعي في تلك الدول، ما قد يُسرّع هذا من تطوير البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة، كما يُمكن أن يُعيد توزيع تدفقات الغاز الطبيعي المُسال العالمية، ويُحوّل مسارات تجارة المنتجات النفطية». ووفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية، الصادر في مارس آذار الماضي، ارتفع الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 2.2% في عام 2024، حيث يرجع ذلك إلى عودة ملحوظة إلى النمو في الاقتصادات المتقدمة، حيث نما الطلب بنحو 1% بعد انخفاضه بنسبة 2% في عام 2023. وعاد الطلب في الاتحاد الأوروبي إلى النمو لأول مرة منذ عام 2017 (باستثناء الانتعاش الذي شهده بعد جائحة كوفيد في عام 2021)، مدعوماً بانخفاض أسعار الطاقة وانخفاض القاعدة بعد التخفيضات التي شهدتها السنوات الأخيرة. وفي الولايات المتحدة، نما الطلب بنسبة 1.7%، بينما واصل الطلب في اليابان انخفاضه طويل الأمد، منخفضاً بنسبة 1.2%.وتباطأ معدل نمو الطلب على الطاقة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في عام 2024، حيث انخفض إلى أقل من 3%، مقارنة بنحو 4% في عام 2023، ويُعزى ذلك إلى تباطؤ نمو الطلب في الصين، الذي انخفض إلى النصف مقارنة بعام 2023، وهو ما يعكس جزئياً الآثار الأخيرة لإعادة فتح البلاد بعد جائحة كوفيد في أوائل عام 2023. ويقول المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن تعريفات ترامب الجمركية إذا أدت إلى إعادة تصنيع كبيرة، فقد يرتفع الطلب المحلي على الطاقة في الولايات المتحدة، «ولكن من غير المُرجّح أن يتجاوز الصين ما لم تحدث تحولات هيكلية كبيرة، حيث على المدى القصير قد تشهد الصين تباطؤاً في نمو الطاقة الصناعية إذا فقدت حصتها في قطاع التصنيع، ومع ذلك، يُمكن للاقتصادات الآسيوية الأخرى استيعاب هذا الطلب، بالإضافة إلى ذلك، قد يُعوّض نمو الاستهلاك المحلي، والتوسّع الحضري، والكهرباء في آسيا -خاصةً في جنوب وجنوب شرق آسيا- بعضَ التباطؤ الصناعي».وخفض جوربناز، توقعاته لنموّ الطلب العالمي على النفط لعام 2025 من 1.2 مليون برميل يومياً إلى 1.0 مليون برميل يومياً، ويعزى ذلك أساساً إلى تباطؤ الطلب الصيني الناجم عن الحرب التجارية الدائرة وتأثيرها المُرتبط على النشاط الصناعي والصادرات.ويقول ممدوح سلامة، خبير اقتصادي دولي في النفط والطاقة العالمية، لـ«CNN الاقتصادية»، إنه من الصعب حدوث تغيير في مشهد استهلاك الطاقة، فالشركات لن تنقل عملياتها إلى الولايات المتحدة، بل ستلجأ إلى الرد عليها بدلاً من دعم التوظيف في الولايات المتحدة، «ومع ذلك، قد تُقلل الرسوم الجمركية الطلب على الطاقة، سواء كانت نفطاً أو غازاً أو غازاً طبيعياً مسالاً أو فحماً، حيث إن فرض رسوم جمركية شاملة وحروباً تجارية قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، ويدفعه نحو الركود، ما سيقلل الطلب على الطاقة».وأضاف سلامة، أنه على الرغم من فرض رسوم جمركية على الصين، فإنها ستظل أكبر مستهلك للطاقة في العالم، حيث يفوق استهلاكها الولايات المتحدة بنسبة 35 في المئة، «ولكن إذا دفعت الرسوم الجمركية الاقتصاد العالمي إلى الركود، سينخفض ​​الطلب العالمي، بما في ذلك في آسيا، لكن معدل الانخفاض في آسيا، بما في ذلك الصين، قد يكون أقل بكثير منه في بقية العالم، لأن معدلات النمو الاقتصادي في آسيا عادةً ما تكون ضعفين أو ثلاثة أضعاف معدلات النمو في بقية العالم».ويرى راجات كابور، مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، أن أسعار النفط تتعرض لضغوط هبوطية مستمرة، تتبعها عوامل أخرى في السوق، حيث قررت إدارة ترامب تطبيق نظام التعريفات الجمركية الجديد على جميع الواردات من جميع الشركاء التجاريين، لتنخفض أسعار النفط إلى ما يقارب 60 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ أبريل 2021.ويقول كابور إن انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات تقريباً يُعدّ مصدر قلق، إذ قد يؤدي التباطؤ الاقتصادي الناجم عن التعريفات الجمركية إلى ضغوط على النمو العالمي، «لتكون لهذه التعريفات آثار طويلة المدى على الاقتصاد العالمي، إذ قد تُدخل العالم في حروب تجارية متبادلة وتُلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد العالمي، في حين أن انخفاض أسعار النفط والغاز قد يُعوّض بعض الزيادات في الأسعار المرتبطة بالتعريفات الجمركية بالنسبة للمستهلكين، إلا أنه من المرجح أن يكون له تداعيات اقتصادية خاصة، وخاصة على منتجي النفط والغاز».وأضاف مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، أن شركات النفط تتعرض لضغوط من حيث ارتفاع تكاليف المدخلات وتراجع أسعار السلع الأساسية، إذ تُؤدي الزيادات الأخيرة في رسوم استيراد المواد الأساسية مثل الفولاذ والمواد الكيميائية المستخدمة في حقول النفط ورؤوس الحفر إلى ارتفاع تكلفة إكمال الآبار، ما يُسهم في ارتفاع نفقات التشغيل بشكل عام».