دول الجنوب تدفع الثمن بعد وقف مساعدات الوكالة الأميركية

دول الجنوب تدفع الثمن بعد وقف مساعدات الوكالة الأميركية

في منعطف اقتصادي حاد بدأ مطلع عام 2025، قرّرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيقاف برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وفرض رسوم جمركية جديدة شاملة على الواردات، ما شكّل صدمة مزدوجة أصابت اقتصادات الدول النامية في مقتل.
ومع غياب البدائل، تراجعت قدرة هذه الدول على تمويل الإنفاق الاجتماعي والصحي، وسط تضخم إقليمي بلغ 18.3 في المئة العام الماضي وديون خارجية معرضة لمخاطر تقلبات سعر الصرف.

أما الضربة الثانية فجاءت من جانب التجارة، إذ فرضت أميركا تعريفات جمركية تصل إلى 25 في المئة على وارداتها من الفولاذ والألومنيوم وقطع غيار السيارات، ما أصاب صادرات أميركا الوسطى في الصميم. تعتمد بلدان مثل هندوراس والسلفادور ونيكاراغوا بشكل كبير على السوق الأميركية كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، وتمثل صادراتها نسبة ضخمة من ناتجها المحلي، وهو ما يهدد بتقلص النمو وزيادة البطالة.وفي إفريقيا، الوضع لا يقل تعقيداً، ورغم أن صادراتها إلى أميركا لا تتجاوز 5 في المئة من إجمالي صادراتها، فإن إلغاء اتفاقية أغوا AGOA ألغى الإعفاءات الجمركية التي كانت تستفيد منها 32 دولة إفريقية. من بين هذه الدول، تعدّ ليسوتو الأكثر تضرراً بحكم اعتمادها الكبير على صادرات النسيج إلى السوق الأميركية، في حين تواجه كل من كينيا ومدغشقر ضغوطاً مماثلة.يوضح التقرير الصادر عن بنك بي إن بي باريبا أن خيارات الرد محدودة للغاية، فالدول المعنية لا تملك فائضاً تجارياً يتيح لها التفاوض، ولا ميزانيات تسمح بتعويض المساعدات المقطوعة، ولا أدوات نقدية فاعلة لخفض أسعار الفائدة أو تحفيز الاقتصاد في ظل ضغوط تضخمية خانقة.ورغم أن بعض دول أميركا الوسطى قد تحاول التفاوض مع واشنطن بتقديم تنازلات في ملفات الهجرة أو مكافحة تهريب المخدرات مقابل استثناءات تجارية، فإن المعادلة الحالية تُظهر بوضوح كيف أن تغير السياسة الأميركية بات ينعكس بشكل مباشر وسريع على الاقتصادات الأضعف، خصوصاً تلك التي تفتقر إلى التنويع والتكامل الإقليمي.كانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لسنوات بمثابة الذراع التنموية للسياسة الخارجية الأميركية، فيما مثّلت اتفاقية أغوا مظلة جمركية سمحت بدخول المنتجات الإفريقية إلى السوق الأميركية دون رسوم. الآن، ومع توقف الأولى وانتهاء الثانية، تدخل البلدان النامية مرحلة جديدة من الضغط المالي والتجاري قد تكون الأقسى منذ أزمة 2008.