الفيدرالي الأميركي أمام معضلة.. هل يدعم النمو أم يكافح التضخم؟

الفيدرالي الأميركي أمام معضلة.. هل يدعم النمو أم يكافح التضخم؟

يقف البنك الفيدرالي الأميركي أمام معضلة بشأن أسعار الفائدة، ففي الوقت الذي كان يمني النفس بأن يسير في هدوء في خطته للتيسير النقدي بعد نجاحه في خفض التضخم، جاءت الرسوم الجمركية الجديدة لتزيد الضغوط عليه وتجعله بين خيارين؛ إما مواصلة السيطرة على التضخم المتوقع أن يعود للارتفاع بسبب الرسوم أو دعم النمو الاقتصادي الذي يسير في اتجاه الركود.
وتشير بيانات فيد وواتش إلى أن نحو 53.2 في المئة يتوقعون أن يخفّض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماع الشهر المقبل.

وتقول فرح مراد، محللة أولى للأسواق في مجموعة إكويتي، إن الفيدرالي قد يُغيّر خطته بشأن خفض أسعار الفائدة بعد التعريفات الجمركية الجديدة.وأضاف لـ”CNN الاقتصادية” أن التوقعات ترجّح أن الفيدرالي قد يخفّض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في اجتماعه يونيو حزيران المقبل.

معضلة الفيدرالي الأميركي أمام أسعار الفائدة

ضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب مراراً وتكراراً على الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة بوتيرة أكبر منذ توليه سدة الحكم في أميركا، إلّا أن تصريحات رئيس الفيدرالي الأميركي كانت تشير إلى أنه سيتمهل في الخفض.ورغم أن التوقعات تشير إلى أن معدل التضخم في أميركا قد يرتفع بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي، والتي تستدعي عادة إبقاء سعر الفائدة مرتفعاً، فإن الفيدرالي سينظر في الوقت نفسه إلى معدل نمو الاقتصاد الأميركي والذي يواجه تحديات.وارتفعت احتمالية تعرض الاقتصاد الأميركي للركود الاقتصادي إذ رفع بنك جيه بي مورغان توقعاته إلى 60 في المئة وغولدمان ساكس إلى 45 في المئة وستاندرد آند بورز غلوبال إلى ما بين 30 و35 في المئة. وتقول ستاندرد آند بورز كوميدتي إنه من المتوقع أن تزداد معضلة السياسة النقدية التي يوجهها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تعقيداً، إذ ستزيد هذه الرسوم الجمركية من الضغط التصاعدي على التضخم خلال 12 شهراً قادمين.وبحسب فرح مراد، فإن الفيدرالي سيكون أمام اختبار حقيقي لمرونة السياسة النقدية لأميركا، وفي حال أثرت التعريفات الجمركية في التضخم وكذلك في النمو، نتوقع أن يفضّل الفيدرالي دعم النمو ودعم الأسواق أكثر من أي شيء آخر.وقد يواجه الاحتياطي الفيدرالي بعض القيود في قدرته على إدارة تباطؤ النمو الناتج عن التأثير التضخمي للرسوم الجمركية، وفقاً لبنك يو بي إس. ويتوقع البنك أن يعطي الاحتياطي الفيدرالي الأولوية في نهاية المطاف للنمو والاستقرار المالي إذا ضعف سوق العمل أو كان أداء السوق المالية أقل من المتوقع.ويدلل يو بي إس على ذلك بأن رسوم ترامب الجمركية ستؤدي في البداية إلى ارتفاع أسعار المستهلك الأميركي، إلّا أن ضعف الطلب المحلي الكبير يمثّل قوة انكماشية، والتي قد تُعوّض تأثير الرسوم الجمركية بأكثر من اللازم على المدى المتوسط. وخلال الأسبوعين الماضيين انخفضت توقعات التضخم الضمنية للسوق على المدى الطويل، ما قد يُعزز تركيز الاحتياطي الفيدرالي المحتمل على دعم النمو بدلاً من مكافحة التضخم.ويتوقع بنك غولدمان ساكس أن يبدأ الفيدرالي سلسلة من تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يونيو حزيران بدلاً من يوليو تموز.ويؤيد بنك غي بي مورغان هذا الرأي الذي يتوقع أن يتراجع سعر الفائدة القياسي إلى 3 في المئة بحلول يناير كانون الثاني 2026، بينما يتوقع بنك يو بي إس أن يخفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بين 75 و100 نقطة أساس خلال الفترة المتبقية من عام 2025.لكن مع تطور الأمور لا يزال البعض يراهن على عقد الفيدرالي اجتماعات طارئة مثل الذي استخدمها خلال جائحة كورونا في 2020.وبحسب فرح مراد، فإن خطوات الفيدرالي ستكون دون فاعلية إذ لم تكن مصحوبة بتناغم واضح مع خطوات البنوك المركزية الأخرى كالمركزي الأوروبي أو بعض البنوك المركزية الآسيوية، خاصة مع تعمق حرب التعريفات الجمركية وتنامي القلق من تراجع السيولة العالمية.