هل تؤدي المفاوضات بين الصين وأميركا إلى تهدئة الأسواق؟

هل تؤدي المفاوضات بين الصين وأميركا إلى تهدئة الأسواق؟

يأمل المستثمرون أن تُهدئ محادثات التجارة الأميركية الصينية من نيران الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وتُبدد بعضاً من حالة عدم اليقين التي تُخيِّم على الأسواق المالية، على الرغم من أن قلة منهم فقط يتوقعون تحقيق إنجاز كبير من هذه المحادثات.يمثّل اجتماع سويسرا بين المفاوضين من البلدين أحد أكبر التطورات منذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية شاملة في 2 أبريل، ما أدّى إلى فوضى في المشهد التجاري العالمي وتسبب في تقلبات شديدة في السوق.

قال كبير مسؤولي الاستثمار في الأسواق الناشئة في الأميركتين لدى بنك يو بي إس، أليجو تشيرونكو، «هذه هي أُمّ المفاوضات».
وأضاف «هناك تجارة بمئات المليارات من الدولارات على المحك، ورسوم جمركية بنسبة 145 في المئة على الصادرات الصينية تمثّل نوعاً من الحظر الفعلي، ومظالم تتجاوز التجارة بكثير».وأفاد مصدر مُطلع على المناقشات لرويترز بأن محادثات التجارة الأميركية الصينية في جنيف من المقرر أن تُستأنف اليوم الأحد.صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقتٍ متأخر من أمس السبت أن البلدين تفاوضا على «إعادة ضبط شاملة للتجارة بطريقة ودية، ولكن بنّاءة»، وأنه تم إحراز «تقدم كبير» دون الخوض في تفاصيل.أعرب المستثمرون مؤخراً عن تفاؤلهم بأن أسوأ السيناريوهات التجارية لن تتحقق، وأشاروا إلى مؤشرات على تهدئة التوتر بين الولايات المتحدة والصين كسبب وراء انتعاش الأسهم.ولكن على الرغم من تصريحات ترامب، قال العديد من الفاعلين في السوق إنهم لا يتوقعون تحقيق إنجازات كبيرة هذا الأسبوع، بل اكتفوا بالأمل في ألّا يحدث أي صراع بين الجانبين في الجولة الرسمية الأولى من المفاوضات التي قد تكون مُطولة.قال الخبير الاستراتيجي في سوق الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة لدى ماكواري، تييري ويزمان، في مذكرة للعملاء «ما زلنا نشك في أن المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة والصين ستؤدي إلى تسوية شاملة».وقالت ليكيان رين، مديرة مودرن ألفا لإدارة الأصول، إن كلاً من الولايات المتحدة والصين قد ترغبان أو تحتاجان إلى التوصل إلى اتفاق، ولكنها أشارت إلى أنه في هذه المرحلة المبكرة، يبدو أن هناك احتمالاً ضئيلاً للقيام بذلك.

تفاؤل غير واقعي

محا مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي للأسهم بالفعل الخسائر الفادحة التي شهدها في أعقاب إعلان الرسوم الجمركية في 2 أبريل، على الرغم من أن الشركات لا تزال تحذّر المستثمرين من حالة من عدم اليقين، في تصريحاتها المتعلقة بالأرباح.ولا يزال مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضاً بنحو 8 في المئة عن أعلى مستوى له على الإطلاق في فبراير، وبنحو 4 في المئة لهذا العام.وفي خضم فوضى التعريفات الجمركية، أثارت استطلاعات رأي المستهلكين الضعيفة وغيرها من «البيانات الضعيفة» مخاوف بشأن نمو الولايات المتحدة، على الرغم من مرونة الاقتصاد.

كبح التقلبات

بلغ مؤشر التقلبات في بورصة شيكاغو التجارية، المعني بقياس قلق المستثمرين، 22 نقطة في يوم الجمعة، وهو مستوى أقل بكثير من أعلى مستوى إغلاق له مؤخراً عند 52.33 نقطة في أوائل أبريل (تزامناً مع إعلان التعريفات الجمركية)، ولكن المؤشر ما زال أعلى من متوسطه على المدى الطويل البالغ 17.6 نقطة.وصرّحت ليكيان رين، مديرة مودرن ألفا لإدارة الأصول، بأن أحد العوامل التي كبحت هذا التقلب حتى الآن هو التكلفة العالية لإنشاء مراكز بيع على المكشوف «للرهان على انخفاضات السوق المستقبلية».وأضافت رين «عندما يمكن لمنشور واحد على وسائل التواصل الاجتماعي من الرئيس أن يُحرّك السوق بنسبة 10 في المئة، فإن إنشاء هذه المراكز يصبح مكلفاً للغاية».ويقول مات جيرتكن، رئيس قسم الاستراتيجية الجيوسياسية في BCA، وهي شركة أبحاث استثمارية في الاقتصاد الكلي، إن الأسواق مهيأة لمزيد من التقلبات في المستقبل، وأضاف أن أفضل نصيحة تقدمها الشركة هي «البيع عندما تكون أسعار الأسهم جيدة».وقال أندرو ماتوك، مدير المحافظ الاستثمارية في ماثيوز آسيا، إن أي مؤشرات على إحراز تقدم في المناقشات الأولية ستكون موضع ترحيب، ولكنه حذّر «إذا تحدثنا عن أي سيناريو آخر، فإن النتيجة ستكون خسارة للجميع».

أصعب تفاوض

على الرغم من الاتفاق السريع نسبياً مع بريطانيا، يحذّر كلاوديو إيريجوين، رئيس أبحاث الاقتصاد العالمي في بنك أوف أميركا، من أن إبرام صفقات أخرى سيكون أصعب، وأن الصين هي أصعب مُفاوض.وقال إيريجوين «أتوقع إبرام صفقات تجارية مع الهند واليابان، وربما كوريا الجنوبية في المستقبل»، ولكن «الصين هي الأكثر تعقيداً وستكون آخر الصفقات»، ويعود ذلك إلى تشابك العلاقات الجيوسياسية مع العلاقات التجارية.ويشعر المستثمرون بالقلق من عدم أخذ السيناريوهات السلبية في الاعتبار في الأسواق.قال تشيرونكو من بنك يو بي إس، إن الخروج من جنيف بتصريحات نارية وخلافات حادة «غير مقبول وغير موجود في حُسبان المستثمرين».