خبير لـ«CNN الاقتصادية» من باريس: العالم يشهد ميلاد دورة اقتصادية جديدة

خبير لـ«CNN الاقتصادية» من باريس: العالم يشهد ميلاد دورة اقتصادية جديدة

قال دانيال ملحم، الخبير الاقتصادي وأستاذ الرياضيات في جامعات باريس، إن ما يعيشه العالم منذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية «هو ميلاد دورة اقتصادية جديدة، وليس حرباً تجارية».وأكد ملحم، في لقاء خاص مع «CNN الاقتصادية» من العاصمة الفرنسية باريس، أن هذا التحول قد يستغرق نحو خمس سنوات حتى يتبلور شكله النهائي.
ويبني الأكاديمي الفرنسي أطروحته على «رؤية الولايات المتحدة المبنية على الابتعاد عن نسب التضخم المتدنية ونسب الفائدة الصفرية أو شبه الصفرية، حيث إن الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد-19 وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية قد وضعا حداً للدورة الاقتصادية الحالية التي بدأت قبل نحو 30 عاماً».وأضاف ملحم أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة توطين بعض الصناعات على أراضيها من أجل زيادة فرص العمل وتقليل الإنفاق.

بدأت الولايات المتحدة الأميركية، في عقد الثمانينيات، إبعاد بعض الصناعات عن أراضيها مثل السيارات والصلب، وذلك لتوجيه الاستثمارات إلى مجالات أخرى، مثل التمويل، ثم ابتكار التكنولوجيا في العقد التالي، وهو ما أدى بدوره إلى تفكيك مصانع الصلب في الولايات التي سُمّيت لاحقاً بـ«حزام الصدأ». فأُغلقت أغلب مصانع الصلب في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، كما توقفت مصانع السيارات الشهيرة في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان عن العمل، فضلاً عن تراجع الصناعة في ولايات مثل ميزوري وأوهايو وغيرها، حتى وصلنا اليوم إلى قيام شركات عملاقة مثل «أبل» بإنتاج منتجاتها، وعلى رأسها هاتف «آيفون»، في دول مثل الصين والهند.ويؤكد ملحم أن ترامب ورث تركة ثقيلة من سلفه الديمقراطي جو بايدن، حيث «بلغ حجم الإنفاق العام 6 تريليونات دولار أميركي، ويرغب دونالد ترامب في سحب هذا الإنفاق وتعويضه بالاستثمار الخاص»، ويشير ملحم إلى أن هذا الإجراء من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة.ويرى ملحم أن الصين وحدها القادرة على تحمل هذا الضغط، كونها تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، أما الدول ذات المديونية المرتفعة، فقد تكون مهددة بالإفلاس.وأوضح ملحم أن المنطقة العربية ستشهد ضغوطاً كبيرة في الفترة المقبلة، وعلى رأسها دول مثل مصر ولبنان وتونس وسوريا، ويُرجع ملحم هذا التوقع إلى المديونية المرتفعة، مشيراً إلى أن مصر تُعد ثاني أكبر عميل لصندوق النقد الدولي، وقد بلغ حجم دينها الخارجي نحو 155.204 مليار دولار أميركي في نهاية الربع الثالث من العام الماضي، المنتهي في سبتمبر أيلول 2024.ويرى ملحم أن دول الخليج العربي في منأى حالياً عن هذه الضغوطات بفضل قدراتها المالية، إلا أن هذا الوضع سيكون مؤقتاً، نظراً لاحتمال انخفاض أسعار النفط الخام، الذي يُعد المصدر الرئيسي لإيرادات دول مجلس التعاون الخليجي.ويتوقع ملحم أن تستمر الدورة الاقتصادية الجديدة نحو ثلاثين عاماً أخرى، وستكون بمثابة نهاية لنموذج التجارة الحرة والأسواق المفتوحة الذي ساد خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية.ويؤكد ملحم أنه لا يستطيع الجزم بما إذا كان هدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من فرض الرسوم الجمركية هو زيادة إيرادات الدولة أم الضغط على الدول التي تصدّر منتجاتها إلى السوق الأميركية.وتُعد الصين، وفيتنام، وكمبوديا، وبنغلاديش من أكثر الدول التي شهدت ارتفاعاً في الرسوم الجمركية المفروضة على منتجاتها للدخول إلى الأسواق الأميركية.