بريطانيا تستأنف علاقاتها مع أوروبا عبر الاقتصاد والدفاع: اتفاق شامل يغير معالم الشراكة بعد بريكست.

بعد ما يقرب من تسع سنوات على الاستفتاء التاريخي الذي أخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن «إعادة ضبط شاملة» للعلاقة بين الجانبين، في اتفاق يُعد الأكبر منذ بريكست، ويؤسس لـ«عصر جديد» من التعاون يشمل ملفات الأمن والدفاع، التجارة، وتنقل الشباب.
يتضمّن الاتفاق إنشاء حزمة دفاعية وأمنية تسمح للشركات البريطانية مثل شركة بي إيه إي سيستمز BAE ورولز رويس Rolls-Royce وبابكوك Babcock بالمشاركة في برنامج تسليح أوروبي بقيمة 150 مليار يورو، إلى جانب خفض كبير في القيود المفروضة على المنتجات الزراعية البريطانية، ما سيسهم في خفض أسعار الأغذية، وإضافة قرابة 9 مليارات جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني بحلول 2040.
الجانب الاجتماعي لم يُغفل، إذ اتفق الطرفان مبدئياً على إطلاق برنامج محدود يسمح للشباب الأوروبيين والبريطانيين بالعيش والعمل في أراضي الطرف الآخر لفترات محددة، مع بحث إعادة دمج بريطانيا في برنامج التبادل الطلابي «إيراسموس+» لاحقاً.راهن ستارمر، المحسوب على تيار البقاء في الاتحاد الأوروبي، في المقابل على منح البريطانيين امتيازات مثل استخدام ممرات الدخول السريع «e-gates» في مطارات الاتحاد، لمعادلة انتقادات المتشددين المؤيدين لبريكست، وعلى رأسهم نايجل فاراج، الذي وصف الاتفاق بأنه «استسلام مهين» ونهاية فعلية لصناعة الصيد البريطانية، فيما اعتبره اتحاد الصيادين في اسكتلندا «كابوساً» على حد تعبيرهم.هاجمت الحكومة المحافظة السابقة التي أخرجت بريطانيا من الاتحاد، الاتفاق بشدة، مشيرة إلى أنه سيجبر لندن على الالتزام بمعايير وقوانين الاتحاد الأوروبي دون أن تكون لها كلمة فيها.لكن المؤشرات السياسية الحالية تشير إلى دعم شعبي نسبي لهذا التحول، أكد النائب العمالي كريس كيرتس أن الاتفاق «يصوب الأخطاء» التي خلّفها اتفاق بريكست الأصلي، قائلاً إن الواقعية السياسية تفرض أن «التجارة دائمًا تأتي بمقابل».ورغم التحسن، لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2016، فالقطاع المالي في لندن خسر آلاف الوظائف بسبب بريكست، وتراجعت مساهمته في الناتج المحلي والضرائب، ما يفرض على بريطانيا أن تتبنى استراتيجية تجارية أكثر واقعية.