ما الأسباب التي دفعت ترامب لتعليق الرسوم الجمركية الإضافية؟

ما الأسباب التي دفعت ترامب لتعليق الرسوم الجمركية الإضافية؟

بعد أسبوع من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على عشرات الدول من شركاء الولايات المتحدة، فاجأ الجميع بقراره بتعليق هذه الرسوم لمدة ثلاثة أشهر.وفي منشور له على منصة «تروث سوشيال»، أمس الأربعاء، أوقف ترامب جزءاً من الرسوم الجمركية المفروضة، بينما أبقى على نسبة 10 في المئة، وذلك لإتاحة المجال للتفاوض.

وعن الانتقادات المتزايدة التي انهالت على البيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي، قال ترامب: «كانوا يصرخون، كانوا يصرخون قليلاً، ويشعرون بقليل من الخوف».
وحتى بالنسبة لرئيس معروف بتقلباته السياسية، فإن إعلانه يوم الأربعاء عن تعليق التعريفات الجمركية المتبادلة التي طال انتظارها لمدة 3 أشهر يُعد تراجعاً مذهلاً عن خطة بدا أنه يدعمها تماماً قبل يوم واحد فقط.ويبدو أن أيام الضغط من زملائه الجمهوريين ورجال الأعمال وحتى أصدقائه المقربين لم تُؤثر على ترامب، الذي أصرّ الأسبوع الماضي على أن «سياساتي لن تتغير أبداً».

أسباب تراجع ترامب عن الرسوم

بحلول أمس الأربعاء، أصبح واضحاً أن حملة إقناع ترامب بتغيير مساره لن تتوقف، كما تبين من موجة البيع الحادة في أسواق سندات الحكومة الأميركية، التي تُعد عادةً ملاذاً آمناً للمستثمرين.وقد أظهر ذلك أن التداعيات الاقتصادية لاستراتيجية ترامب قد تكون كارثية وأشد مما كان مستشاروه يتوقعون سابقاً.وكان القلق المتزايد داخل وزارة الخزانة بشأن تطورات سوق السندات عاملاً محورياً في قرار ترامب بإيقاف نظام الرسوم الجمركية المتبادلة، وفقاً لما ذكره ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر لشبكة CNN.وأثار وزير الخزانة سكوت بيسنت هذه المخاوف مباشرة مع ترامب في اجتماع سبق إعلان إيقاف الرسوم، مؤكداً المخاوف التي عبّر عنها المسؤولون الاقتصاديون في البيت الأبيض، الذين أطلعوا ترامب على تسارع وتيرة البيع في سوق سندات الخزانة الأميركية.وركزت الاتصالات الهاتفية مع كبار مستشاري البيت الأبيض من حلفاء رئيسيين في مجتمع الأعمال بشكل متزايد على التطورات المقلقة في سوق السندات، حيث دافعوا عن تراجع ترامب.وأفاد مصدران، لشبكة CNN، أن ترامب لم يكن قد اتخذ قراراً بإيقاف معدلات الرسوم الجمركية الجديدة المثيرة للجدل عندما كان ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن سوق الأسهم صباح الأربعاء.وقال ترامب للصحفيين: «سوق السندات في حالة حرجة للغاية، كنت أراقبه، سوق السندات الآن رائع، لكن نعم، رأيت الليلة الماضية حيث بدأ الناس يشعرون ببعض القلق».

الأربعاء العاصف

وشهد البيت الأبيض يوم أربعاء عاصفاً آخر، حيث سعى المستشارون جاهدين لمواكبة قرارات ترامب، الذي حاول الاحتفال بالنصر بعد أحد أكثر المواقف تراجعاً في رئاسته، ساعياً إلى نسب مكاسب سوق الأسهم يوم الأربعاء، دون الإشارة إلى الخسائر القياسية التي بلغت تريليون دولار خلال الأسبوع الماضي.وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: «إنها أكبر زيادة في تاريخ سوق الأسهم، هذا أمر جيد جداً». وأضاف: «إذا استمررتم على هذا المنوال، فستعودون إلى ما كانت عليه قبل أربعة أسابيع».وإذا كان ترامب يخطط صباح الأربعاء لإيقاف رسومه الجمركية الجديدة مؤقتاً بعد أيام من اضطراب السوق، فإنه لم يكشف عن نواياه على نطاق واسع.فقد علم العديد من مسؤولي البيت الأبيض بقراره في الوقت نفسه الذي علم فيه العالم، عبر منشور على منصته «تروث سوشيال»، بإيقاف الرسوم الجمركية الجديدة مؤقتاً.وحتى كبير مسؤولي التجارة في إدارته بدا كأنه لم يكن على دراية بإمكانية التغيير إلا بشكل طفيف، عندما أعلن ترامب عن التراجع على وسائل التواصل الاجتماعي.وشدد بيسنت ومسؤولون آخرون على أن قرار تعليق الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الدول، باستثناء الصين، لم يُعد تراجعاً، بل كان خطوة استراتيجية ضمن خطة ترامب الأكبر لإشراك الدول في مفاوضات تجارية.

قلق بشأن بيع السندات

أمضى الفريق الاقتصادي لإدارة ترامب أمس الأربعاء في متابعة بتركيز كبير عمليات بيع السندات التي تفاقمت في اليوم السابق، وتزايدت بشكل حاد خلال الليل، ما دفع العوائد إلى الارتفاع، وأظهر ذلك في الواقع ما يعكس العادة في مثل هذه الفترات غير المستقرة والمتقلبة للاقتصاد العالمي.وتاريخياً، ترتفع سندات الخزانة الأميركية في أوقات بيع الأسهم، حيث يسارع المستثمرون إلى تحويل أصولهم إلى ملاذ آمن عالمي، وهي مكانة راسخة منذ فترة طويلة بفضل الأمان والسيولة التي توفرها السوق الأميركية.وقد أثار تطور الوضع بشكل معاكس، ثم تسارعه بعد ضعف الطلب غير المتوقع في أول مزاد لوزارة الخزانة منذ إعلان ترامب عن نظامه الجمركي، قلقاً متزايداً، حتى مع وصف بيسنت له بأنه «غير مريح، لكنه طبيعي» في مقابلة تلفزيونية صباح الأربعاء.وقد رأي الرئيس الأميركي، الذي يتابع عن كثب القنوات التلفزيونية، أن بعض حلفائه المقربين قد أصدروا تحذيرات شديدة بشأن احتمالات حدوث ركود اقتصادي نتيجةً للرسوم الجمركية.

تنبيه من المسؤولين التنفيذيين إلى البيت الأبيض

وداخل البيت الأبيض، تزايدت المكالمات الهاتفية من مسؤولي الأعمال والجمهوريين وحلفاء آخرين للرئيس، مطالبين إياه بإعادة النظر في الرسوم الجمركية.واستخدم المسؤولون التنفيذيون خطوط هواتف كبار موظفي البيت الأبيض، مثل سوزي وايلز، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخزانة، لعرض قضيتهم على ترامب مباشرةً.في الوقت نفسه، واصل صقور التجارة الدفاع عن نهج ترامب المتمثل في فرض الرسوم الجمركية مهما كان الثمن، بينما استمر السوق في الانخفاض.وأشارت المصادر إلى أن وايلز كانت فعّالة بشكل خاص في إقناع ترامب بأن تراجع السوق يُكلفه رأس مال سياسياً كبيراً، وهو ما سيؤثر على دعم بنود جدول أعماله المستقبلية، حيث تلقى المشرعون مكالمات غاضبة متزايدة من الناخبين مع استمرار هبوط السوق.وبعد أسبوع من فرضه للرسوم الجمركية، وقف الرئيس الأميركي خارج البيت الأبيض، محاولاً نسب الفضل لنفسه في أزمة سببها هو، مؤكداً أن مصداقيته لم تتأثر، وقال: «يجب أن نتسم بالمرونة، أعتقد أن الأسواق المالية تتغير، انظروا إلى مدى تغيرها اليوم».يُذكر أن تعليق ترامب لرسومه الجمركية جاء بعد اضطرابات في الأسواق، حيث تكبدت البورصات خسائر تقدر بتريليونات الدولارات.