وزير المالية السوري لـCNN الاقتصادية: نخطط لإلغاء الدعم العام وتركيزه على الفئات الأكثر احتياجاً.

في مقابلة حصرية مع CNN الاقتصادية، أعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، أن بلاده دخلت فعلياً مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي تقوم على إعادة هيكلة الدعم الحكومي، وتحويله من دعم شامل يثقل كاهل الدولة إلى دعم موجه يذهب مباشرة إلى مستحقيه عبر آليات مدروسة للحماية الاجتماعية.
إصلاحات اقتصادية تتقدّم وسط تغيرات دولية
وفي السياق ذاته قرّر الاتحاد الأوروبي قبل يوم واحد فقط من المقابلة رفع عدد من العقوبات المرتبطة بالقطاعين الاقتصادي والإنساني، ما يفتح الباب أمام تنشيط محدود للتعاون الخارجي في ملفات البنية التحتية والخدمات الأساسية. من هنا، يعتبر وزير المالية أن تخفيف العقوبات، وإن كان بشكل تدريجي، قد يوفّر متنفساً ضرورياً يسرّع من وتيرة الإصلاح، ويهيّئ الأرضية لاستقطاب التكنولوجيا والاستثمارات.
عودة تدريجية إلى النظام المالي الدولي
في سياق موازٍ، أكد برنية أن سوريا استعادت عضويتها الكاملة في معظم المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والصناديق العربية، مشيراً إلى أن هناك رغبة جدية من هذه المؤسسات في استئناف التعاون مع دمشق.لكن الوزير شدد على أن هذا التعاون سيقتصر في الوقت الحالي على الدعم الفني وتبادل الخبرات وبناء القدرات المؤسسية، موضحاً: «لسنا بصدد طلب قروض في هذه المرحلة، نركّز الآن على ما يدعم إصلاحاتنا من الداخل دون اللجوء إلى مديونية جديدة».شدد وزير المالية السوري خلال المقابلة على أن مسار الإصلاح الاقتصادي في البلاد يتم بإرادة وطنية خالصة، قائلاً إن الحكومة هي من تحدد الأولويات وتضع البرامج وتشرف على تنفيذها بما يتماشى مع المصلحة السورية، وأكد أن أي تعاون مع المؤسسات الدولية سيجري ضمن هذا الإطار، مضيفاً «نحن من يضع برامج الإصلاح، ونحن من يديرها، الدعم الخارجي مرحّب به فقط عندما يخدم توجهاتنا ولا يتعارض مع أولوياتنا الوطنية».
نظام ضريبي جديد يدعم النمو
وتماشياً مع هذا التوجّه، تعمل الحكومة على تنفيذ إصلاح ضريبي واسع، هدفه تبسيط النظام الضريبي وتحديثه بما يخدم بيئة الأعمال، وقال برنية «نريد نظاماً ضريبياً شفافاً، عادلاً، وسهلاً، يعزز الثقة مع دافعي الضرائب ويوفّر مناخاً جاذباً للمستثمرين ورجال الأعمال».وأضاف أن الوزارة لا تتعامل مع الضرائب كأداة جباية، بل كوسيلة لخلق بيئة اقتصادية صحية، تتكامل فيها الدولة مع القطاع الخاص باعتباره شريكاً أساسياً في عملية التنمية، لا منافساً لها.
تهيئة الأرض للاستثمار.. من القضاء إلى البنية التحتية
وفي ما يخص بيئة الاستثمار، شدد وزير المالية على أن الحكومة تعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية، بدءاً من شبكات الكهرباء والمياه، وصولاً إلى الطرق والمؤسسات العامة، بالتوازي مع إصلاح النظام القضائي وتحديث الإطار التشريعي للاستثمار.واعتبر أن جذب الاستثمارات لا يتطلب فقط توفير الحوافز، بل قبل ذلك توفير بيئة مواتية قائمة على الشفافية والعدالة وضمان الحقوق، «لمستثمر يحتاج إلى قضاء عادل، وبيئة عمل مستقرة، وبنية تحتية جاهزة وهذا ما نعمل على تحقيقه حالياً». بحسب تعبيره.
فرص استثمارية واسعة… والرسالة واضحة
وأشار الوزير إلى أن سوريا تفتح أبوابها لفرص استثمارية واعدة في مجالات عدة، من الزراعة والطاقة إلى السياحة والصحة والتعليم، داعياً المستثمرين لا سيما من الدول العربية إلى دخول السوق السوري في مرحلة مبكرة للاستفادة من الإمكانات غير المستغلة.تأتي تصريحات وزير المالية في وقت تشهد فيه سوريا تحركات داخلية لإعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية، وسط إشارات دولية متزايدة إلى احتمالات تخفيف بعض العقوبات، وتركّز الحكومة في المرحلة الحالية على إصلاح الدعم، تحديث النظام الضريبي، وتحسين مناخ الاستثمار، بالتوازي مع إعادة التواصل مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.