وول ستريت تفتتح جلستها في المنطقة الحمراء وسط استمرار القلق من ركود قادم

بعدما حققت ثالث أفضل يوم لها في التاريخ الحديث، تعود مؤشرات وول ستريت للمنطقة الحمراء لأنه على الرغم من وقف الرئيس دونالد ترامب تنفيذ رسومه الجمركية المتبادلة، فإن ضرائبه الباهظة الأخرى على الواردات لا تزال تلحق الضرر، إذ لا يُتوقع تعافي الاقتصاد منها بسهولة.
كيف حققت وول ستريت تلك المكاسب؟
حققت وول ستريت مكاسبها نتيجة تفاؤل المتداولين بعوامل كثيرة أولها تعليق ترامب للرسوم التي تراوحت بين 10 و50 بالمئة وأيضاً إعلان الاتحاد الأوروبي تعليق رسومه الانتقامية على أميركا، وازداد الأمل حول التوصل إلى اتفاق تجاري تفاوضي بعد تراجع ترامب.
وعامل آخر زاد من التفاؤل وهو تصريحات ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت بأن أكثر من 70 دولة تتسابق للتفاوض على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة للخروج من دائرة التعريفات، وأن إدارة ترامب تريد منحها مهلة لإبرام الصفقات.
لا يزال الواقع قاسياً منتظراً ركوداً
ولكن حتى بعد تراجع ترامب، لا يزال الواقع قاسياً، إذ يقول الاقتصاديون إن الضرر الاقتصادي قد وقع، ويتوقع الكثيرون ركودا أميركياً وعالمياً. ولا تزال الأسهم أقل بكثير من مستوياتها قبل أن يكشف ترامب عن تعريفاته الجمركية في «يوم التحرير» الأسبوع الماضي، ويقولون إن تلك الخسائر الكبيرة في سوق الأسهم، والتعريفات الجمركية الحالية، والدرجة العالية من عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية كافية لإغراق الاقتصاد.إذ لا تزال الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب بنسبة 10 بالمئة التي دخلت حيز التنفيذ يوم السبت سارية، وكذلك الرسوم الجمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات السيارات، و25 بالمئة على الصلب والألومنيوم، و25 بالمئة على بعض السلع من كندا والمكسيك. كما تعهد ترامب بالمضي قدما في فرض رسوم جمركية إضافية على الأدوية والأخشاب وأشباه الموصلات والنحاس.
توقعات البنوك والمحللين
وعليه قال بنك غولدمان ساكس بعد انفراجة ترامب الجزئية، إن فرص الركود في الولايات المتحدة لا تزال غير مؤكدة. في المقابل قال بنك جي بي مورغان إن البنك لن يُغيّر توقعاته للركود، ولا يزال يرى احتمالاً بنسبة 60 بالمئة لحدوث ركود أميركي وعالمي حتى بعد قرار ترامب «الإيجابي» بإلغاء رسومه الجمركية «القاسية» الخاصة بكل دولة.قال جو بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات آر إس إم لشبكة CNN: «أشعر بأن الاقتصاد لا يزال من المرجح أن يقع في حالة ركود، بالنظر إلى مستوى الصدمات المتزامنة التي امتصها، وكل ما يفعله هذا هو تأجيل مؤقت لما يُرجّح أن يكون سلسلة من ضرائب الاستيراد العقابية المفروضة على حلفاء الولايات المتحدة التجاريين».
ماذا عن التضخم؟
تباطأ التضخم في الولايات المتحدة بشكلٍ حاد في مارس، وبينما يُعدّ هذا خبراً ساراً للمستثمرين عادةً، ينصب تركيز وول ستريت بشكلٍ كبير على الرسوم الجمركية وتوقعات الاقتصاد في المستقبل.وقال سكيلر ويناند، كبير مسؤولي الاستثمار في ريغان كابيتال: «بيانات اليوم الخميس خاصة بشهر مارس، وهي بيانات تعكس الماضي ولا تُخبر السوق كثيراً عن كيفية تأثير الرسوم الجمركية الأخيرة، وإن كان العديد منها مُعلّقاً، على أسعار المستهلك».
مع الصين.. لا تتراجع ولا استسلام
في غضون ذلك، لا يتراجع ترامب عن حربه التجارية المُقلقة مع الصين، بل إنها تزداد سوءاً. ورفع ترامب رسومه الجمركية على الواردات الصينية إلى 125 بالمئة يوم أمس، ودخلت رسوم بكين الانتقامية البالغة 84 بالمئة على الواردات الأميركية إلى الصين حيز التنفيذ اليوم الخميس.في المقابل، قالت الصين إنها لا تزال مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة، إلّا أن متحدثاً باسم وزارة التجارة الصينية أكد اليوم الخميس أن الصين لن تتراجع إذا اختار ترامب تصعيد الحرب التجارية.وقال المتحدث: «باب المحادثات مفتوح، لكن يجب إجراء الحوار على أساس الاحترام المتبادل والمساواة». وأضاف «نأمل أن تلتقي الولايات المتحدة بالصين في منتصف الطريق، وأن تعمل على حل الخلافات من خلال الحوار والتشاور».وتابع المتحدث «إذا اختارت الولايات المتحدة المواجهة، فسترد الصين بالمثل، الضغط والتهديد والابتزاز ليست الطرق الصحيحة للتعامل مع الصين».
علامات التوتر
لكن علامات التوتر لا تزال قائمة في الأسواق، ولا تقتصر على الأسهم فقط، فسوق السندات التي كانت تشهد عمليات بيع سريعة بشكل مثير للقلق، حيث ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى ما يزيد على 4.5 بالمئة يوم الأربعاء من أقل من 4 بالمئة في وقت سابق من الأسبوع، هدأت قليلاً اليوم الخميس، ومن المفترض أن ترتفع العوائد عندما تنخفض أسعار السندات، لكن عائد سندات العشر سنوات ظل فوق 4.3 بالمئة صباح الخميس، وهذا ليس شياً جيداً.قال محللو آي إن جي في مذكرة للمستثمرين، اليوم الخميس: «تُشير السندات إلى أن فترة التوقف مهمة، إلّا أن الكثير لم يتغير جوهرياً»، وأضافوا: «لن تنسى الأسواق بسهولة هذه الأحداث مع تقلباتها الواسعة».(ديفيد غولدمان وجون توفيجي، CNN)