كيف أصبح شغف أمريكا بالترطيب سوقًا تصل قيمته إلى 1.5 مليار دولار؟

في عصر يزداد فيه وعي المستهلكين بأهمية العافية والصحة اليومية، برزت ظاهرة جديدة تُحدث ثورة في طريقة الترطيب، بعيداً عن المشروبات التقليدية والماء العادي، شركة «ليكويد آي في» وجدت نفسها في قلب هذا التحول، حيث استثمرت في تطوير مسحوق إلكتروليت مبتكر يلبي احتياجات المستهلكين العصريين من الرياضيين إلى السيدات العاملات، محققة نمواً مذهلاً وتحولاً جذرياً في السوق العالمية للمشروبات الصحية. في هذه الرحلة، لا يتوقف الأمر عند مجرد ترطيب الجسم، بل يتخطاه إلى تعزيز الصحة والوقاية، وسط توجه متسارع نحو المنتجات «الأفضل لك» التي تجذب اهتمام الملايين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحقق مليارات الدولارات.
فما السر وراء نجاح هذه المنتجات، وهل فعلاً يعاني الجميع من «جفاف مزمن» كما يقول الخبراء؟
«حتى لو لم يكن المستهلكون على دراية بما إذا كانوا يعانون بالفعل من نقص السوائل، فإنهم ما زالوا يشترون المنتجات الغنية بالإلكتروليتات كما لو كانوا كذلك»، حسب كيتش. وكان الترطيب، على وجه الخصوص، محور اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي -مثل هاشتاغ #WaterTok على تيك توك- والمنتجات الفيروسية الرائجة، حيث يتوقع المحللون نموه ليصبح سوقاً بمليارات الدولارات في السنوات القليلة المقبلة.لقد استفادت هذه الفئة من تغير أنماط الاستهلاك، لم يَعُد الأمر يقتصر على التعافي الرياضي فحسب، بل يتعلق أيضاً بالحفاظ على الصحة اليومية وإدارة آثار الكحول، وفقاً لنيت روزن، خبير السلع الاستهلاكية المعبأة، لشبكة CNN، وأضاف: «كثير من الناس ببساطة لا يحبون الماء العادي، ويعتبرون هذه المشروبات المرطبة وسيلةً لإضفاء نكهة على مياههم».أُطلقت مشروبات ليكويد آي في عام 2012، وكانت تستهدف في البداية الرياضيين المحترفين الذين يتعافون من تمارين شاقة. ويُسوّق هذا المزيج المجفف المنكّه كبديل صحي للمشروبات الرياضية المليئة بالسكر، حيث يحتوي المشروب على الملح والفيتامينات والإلكتروليتات التي تدعم الترطيب السريع.قال كيتش: «لقد كانت هذه الفئة متعبة حقاً، في السابق، كان الرياضيون هم من يحصلون على الرعاية، وكانت الفكرة هي: (إذا كان جيداً بما يكفي لهم، فهو جيد بما يكفي لي)».كان هذا اقتراحاً ناجحاً في البداية، وارتفعت المبيعات بشكل كبير، ما دفع شركة يونيليفر إلى شراء ليكويد آي في.في عهد كيتش الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة ليكويد آي في بعد الاستحواذ، وسّعت العلامة التجارية وفريقها نطاقها ليشمل جمهوراً أوسع بكثير، متحولةً من مجرد نجوم الرياضة إلى «سيدات الأعمال والأمهات ومحبي الرياضة».ومن هنا، تضاعف توزيع العلامة التجارية، وتوسّع نطاق نكهات المنتج، بما في ذلك مزيج الألعاب النارية الشهير، إضافة إلى تشكيلة جديدة خالية من السكر. وتسير ليكويد آي في على الطريق الصحيح لتصبح وحدة بقيمة مليار دولار، حيث وصفتها شركة يونيليفر بأنها «علامة تجارية قوية» في أحدث تقرير أرباح لها، ما ساعد قسم الصحة والعافية على تحقيق نمو في المبيعات بنسبة مئوية من رقمين، وقال كيتش: «أدركنا أن الترطيب ليس للرياضيين فقط، ومن هنا انطلقت الانطلاقة».
مسحوق الطاقة
لطالما هيمنت السوائل على الترطيب لسنوات، ولا سيما بيديالايت الذي يُستخدم عادةً للوقاية من الجفاف أو علاجه لدى الأطفال. لكن شعبية هذا المشروب ازدادت خلال منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث استخدمه الشباب كعلاج للصداع الناتج عن الإفراط في شرب الكحول، وشربه الرياضيون للتعافي.ثم هناك مشروب جاتوريد من شركة بيبسيكو الذي يتصدر قائمة المشروبات الرياضية، إضافة إلى شركة إلكتروليت المكسيكية التي تستثمر 400 مليون دولار في مصنع جديد في الولايات المتحدة لتلبية الطلب المتزايد.ومع ذلك، فقد حققت مساحيق المشروبات الغازية نجاحاً ملحوظاً مؤخراً، وفقاً لهوارد تيلفورد، رئيس قسم المشروبات الغازية في شركة يورومونيتور للتحليلات.وقال لشبكة CNN: «الميزة الأهم هي سهولة الاستخدام: إنه شيء يمكنك وضعه على طاولة المطبخ، أو درج مكتبك في العمل، أو في حقيبة الرياضة. لا يتطلب شراءً ضخماً مساحةً في ثلاجتك»، وأضاف: «نكهاته جيدة أيضاً للحقن الوريدي السائل، وهو أمرٌ ليس بالقليل».يُرجع كيتش نموّ ليكويد آي في إلى عامل الراحة، مُشيراً إلى روّاد مهرجان كوتشيلا الذي ترعاه الشركة، كمثال.وقال: «لا يُمكنك الاستمتاع بأجواء رائعة مع جميع أنواع زجاجات المياه، هذا يُساعدنا على ترطيب الناس بطرق لا يستطيعها الآخرون».حققت مبيعات الخلطات المسحوقة نمواً في المبيعات بنسبة مُضاعفة على مدار السنوات الأربع الماضية على التوالي، ونمت مؤخراً بنسبة 20 في المئة في عام 2024، لتبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار، وفقاً لشركة سيركانا، وهي شركة أبحاث سوقية مقرها شيكاغو.
شركات جديدة تخترق السوق
وقد شجّع هذا النمو دخول شركات جديدة إلى سوق الخلطات المحمولة، بدءاً من جاتوريد التي نمت مبيعاتها من المُحسّنات بنسبة 200 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، وبادي أرمور من كوكاكولا، وصولاً إلى شركات ناشئة أصغر مثل إل إم إن تي المُناسب للحمية، وووتر دروب التي يدعمها نوفاك ديوكوفيتش، كل ذلك على أمل مُحاكاة شعبية ليكويد آي في الرائدة في السوق.قال روزن، كاتب نشرة إكسبريس تشيكأوت الإخبارية: «عندما تحقق علامة تجارية رواجاً كبيراً في مجال ما، ينشأ عدد كبير من المتابعين، خاصةً عندما لا تمتلك العلامة الأصلية أي شيء خاص بها سوى اسم لامع»، وأضاف: «في النهاية، يمكن لأي شخص إنتاج مسحوق الإلكتروليت».شهد هذا المجال «قفزة كبيرة في الاستهلاك خلال جائحة كوفيد-19، لأن الناس بدؤوا يدركون أهمية الترطيب، كما أن هناك شعوراً متزايداً بطول العمر، إضافة إلى المناعة، وزيادة الفيتامينات في الجسم»، وفقاً لما صرّح به فيديريكو مويشوندت، الرئيس التنفيذي لشركة بادي أرمور، لشبكة CNN.
هل هذا المنتج فعَّال؟
قال كيتش إن شركة ليكويد آي في «مهووسة بالعلم»، مضيفاً أنها تنفق «مبالغ كبيرة على الدراسات السريرية لضمان مصداقية ادعاءاتها».تزعم صفحة على موقع ليكويد آي في الإلكتروني أن منتجها يتمتع «بترطيب فائق» مقارنةً بشرب الماء فقط، مُعلنةً أنه إذا كنت عطشان «فربما تكون مصاباً بالجفاف».مع ذلك، تُشكك هايدي سكولنيك، أخصائية التغذية الرياضية في مستشفى الجراحة الخاصة في نيويورك، في أن الجفاف مشكلة شائعة لدى الأشخاص الذين لا يحصلون على كميات كافية من الماء، وأن وصف الأشخاص «بجفاف مزمن» مبالغة.قالت لشبكة CNN: «يمكن للرياضيين والأشخاص النشطين الاستفادة من استخدام مسحوق ومشروبات الإلكتروليت، لكن الأشخاص الأقل نشاطاً ربما لا يحتاجون إليها».مع أن الماء بحد ذاته كافٍ لترطيب الشخص العادي، فإن إضافة نكهة إليه «تساعد الناس على شرب المزيد، وهذا أمر إيجابي، ويزيد من وعيهم بما يشربونه وكميته».