تجارة الهواتف المحمولة بين الصين وأمريكا: من الذروة إلى الانحدار

تجارة الهواتف المحمولة بين الصين وأمريكا: من الذروة إلى الانحدار

شهدت صادرات الهواتف المحمولة من الصين إلى الولايات المتحدة على مدى السنوات الـ15 الماضية تقلبات كبيرة تعكس التوترات التجارية والسياسية بين أكبر اقتصادين في العالم، وتغييرات عميقة في سلاسل التوريد العالمية.
بدأت قيمة صادرات الهواتف المحمولة الصينية إلى السوق الأميركية عام 2010 من مستوى متواضع بلغ نحو 0.5 مليار دولار شهرياً. وخلال العقد التالي، شهدت هذه الصادرات نمواً مطرداً مدفوعاً بالطلب الأميركي المتزايد على الأجهزة الذكية، وخصوصاً مع إطلاق أجهزة آيفون التي أسهمت في توسيع السوق بشكلٍ كبير.

انهيار مفاجئ وانخفاض حادلكن منذ بداية 2021، شهدت الصادرات تحولاً دراماتيكياً نحو الانخفاض، مع هبوط حاد بلغ ذروته في أبريل 2025، حيث بلغت قيمة الصادرات إلى الولايات المتحدة 689 مليون دولار فقط، أي أقل بنسبة 72% مقارنة بشهر مارس الذي سجل 2.46 مليار دولار. هذا الانخفاض يمثّل عودة لمستويات قياسية منخفضة لم تشهدها السوق الأميركية منذ أغسطس 2011، أي منذ أكثر من 13 عاماً، وفقاً لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية.أسباب الانخفاضتعود أسباب هذا التراجع الحاد إلى عدة عوامل متداخلة، أهمها التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التي شهدت فرض تعريفات جمركية متبادلة تسببت في تعطيل سلاسل التوريد الدولية.وذلك بجانب القيود والعقوبات على شركات صينية كبرى مثل هواوي، ما أثّر في قدرة الصين على تصدير منتجاتها بحرية. وذكرت لورا جيمس، محللة اقتصادية في مؤسسة بلومبرغ، بهذا الشأن أن «الرسوم الجمركية والعقوبات على شركات مثل هواوي شكّلت عائقاً رئيسياً أمام الصين. بالإضافة إلى ذلك، تشهد الشركات الأميركية توجهاً متزايداً نحو التنويع في مصادرها لتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الصين».ونضيف إلى ذلك تداعيات جائحة كوفيد-19 التي عطلت العمليات الإنتاجية والنقل، وأدّت إلى تأخير في الشحنات.مع كل ذلك، أصبح هناك توجه في الولايات المتحدة نحو تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الصين، إضافة إلى البحث عن مصادر بديلة من دول أخرى مثل فيتنام والهند. التأثيرات العالميةهذا الانهيار في صادرات الهواتف المحمولة الصينية يعكس إعادة هيكلة جذرية لسلاسل التوريد العالمية ويعزّز التحولات في موازين القوى الاقتصادية والتجارية. الصين تخسر حصة كبيرة من السوق الأميركية في قطاع رئيسي وحيوي، ما يدفع دولاً أخرى لتوسيع نفوذها في هذا المجال الحيوي.وأخيراً، فإن قصة صادرات الهواتف المحمولة من الصين إلى أميركا خلال آخر 15 عاماً تحكي عن توازنات متغيرة بين الابتكار التجاري، والتحولات السياسية، وتحديات الاقتصاد العالمي. من ذروة 6.9 مليار دولار في 2020 إلى مستوى 689 مليون دولار في أبريل 2025، ويعكس هذا الانخفاض ليس فقط أزمة تجارية، بل تحولات جيوسياسية واقتصادية عميقة سيشهد العالم تداعياتها في السنوات القادمة.