هل اقتربت لحظة توديع الدولار الأمريكي؟.. 114 مليار قطعة نقدية تواجه مصيرًا غير معروف

رغم إعلان وزارة الخزانة الأميركية عزمها التوقف عن إنتاج عملة البنس بدءاً من عام 2026، فإن هذه العملة المعدنية التي رافقت الأميركيين لأكثر من 230 عاماً لن تختفي من حياتهم بين ليلة وضحاها.
ويقدّر عدد عملات البنس المتداولة في السوق الأميركية حالياً بنحو 114 مليار قطعة، معظمها، حسب الوزارة، «غير مستخدمة بفاعلية» إذ تنتهي في صناديق معدنية في المنازل أو أدراج النسيان، وتترك لتتراكم بلا جدوى اقتصادية واضحة.

من البقالة إلى البنوك.. متى نودع البنس فعلياً؟

قال المتحدث باسم الجمعية الوطنية لمحلات البقالة في أميركا، جيف لينارد، إن هذه المتاجر وحدها تنفذ نحو 32 مليون عملية نقدية يومياً، أي نحو 20 في المئة من إجمالي المعاملات الشرائية اليومية، ما يعني أن الطلب على العملات المعدنية سيبقى قائماً بعض الوقت.لكن التغيير سيبدأ تدريجيًا، مع توقف البنوك عن توفير رُزَم جديدة من البنس للمحال التجارية، حينها ستبدأ العديد من المتاجر بتقريب الفواتير إلى أقرب خمسة سنتات (نيكل) عند الدفع نقداً.في المقابل، ستظل المعاملات الإلكترونية عبر بطاقات الائتمان أو الخصم تتم بالدقة المعتادة حتى خانة السنت، لأن «الدقة الرقمية» لا تحتاج إلى وحدات نقدية معدنية.

الأثر الاقتصادي والتحوّل المتوقع

ورغم عدم وجود تأثير فوري على المستهلكين أو حركة البيع، فإن هذا القرار يعكس تحولاً في استراتيجية إدارة النقد في أميركا، في ظل تسارع التحول نحو مجتمع أقل اعتماداً على النقد المادي.ففي دولة يطبع فيها البنس الواحد بتكلفة تتجاوز قيمته الاسمية أحياناً، يصبح التوقف عن إنتاجه إجراءً اقتصادياً مبرراً، وإلى جانب التوفير المالي، فإن القرار يحمل أبعاداً بيئية أيضاً من حيث تقليل استهلاك المعادن والطاقة.لكن المشهد لا يخلو من طرافة؛ إذ لا تزال قاعدة «لا تخسر زبوناً من أجل بنس» حاضرة في عقلية التجار الأميركيين الذين أكدوا أنهم سيتعاملون بمرونة مع من يرغب في الدفع بهذه العملة، حتى بعد سنوات من وقف إنتاجها.فكما تقول وزارة المالية الكندية عن بنسها الذي توقف إنتاجه قبل 13 عاماً «ما زال صالحاً إلى أجل غير مسمى»، وكذلك الحال في أميركا… البنس قد يرحل عن خطوط الإنتاج، لكنه سيبقى حاضراً في جيوب الأميركيين لسنوات قادمة.