حرب العملات: هل سيحل اليورو محل الدولار؟

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء تعليق فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي بنسبة 50 في المئة حتى 9 يوليو تموز 2025 لتهدئة التوترات التجارية بين الحليفين ولو مؤقتاً، لكن يبدو أن بروكسل وواشنطن سيكون بينهما صراع أشد وأوسع نطاقاً في عالم العملات بين اليورو والدولار. وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد قد قالت يوم الاثنين إن اليورو قد يتحول إلى بديل فعال للدولار.
ويعد الدولار أحد أبرز عناصر قوة أميركا اقتصادياً، وبالتأكيد لن يتوانى الرئيس الأميركي عن الدفاع عنه، وكان ترامب قد تعهد خلال حملته بالدفاع عن دولار قوي، ويمثل تصريح لاغارد تهديداً واضحاً لعرش الدولار.
وأضافت لاغارد «اليورو لن يكتسب النفوذ العالمي بشكل تلقائي، بل عليه أن يستحقه»، مشيرة إلى أن «التغييرات الجارية تفتح الباب أمام لحظة عالمية لليورو». من جانبه قال الخبير الاقتصادي د. محمد أنيس إن «بسبب الاضطرابات الحالية في الأسواق والضغوطات على أسعار السندات الأميركية والضغوطات على مؤشر الدولار قد تنخفض حصة الدولار في احتياطيات البنوك المركزية مرحلياً الآن»، معقباً «يمكن أن تزيد حصة اليورو مؤقتاً بسبب الضغوط التي يتعرض لها الدولار». وأضاف الخبير الاقتصادي أن «هل يصلح اليورو كعملة مركزية رئيسية بدلاً من الدولار؟ الإجابة الآن وفي المدى المنظور لا».وأوضح أنيس أن هناك أربعة أسباب وراء عدم وجود فرصة أمام اليورو ليحل محل الدولار، مشيراً إلى أن السبب الأول هو أن «الاتحاد الأوروبي تكتل اقتصادي وليس كياناً سياسياً»، معقباً «هناك دولة تدعى الولايات المتحدة الأميركية لكن لا توجد دولة تدعى الاتحاد الأوروبي».وتابع أنيس «السبب الثاني هو أن الاتحاد الأوروبي ليس القوة العظمى في العالم، فالقوة العظمى الحالية هي الولايات المتحدة الأميركية»، مضيفاً «دائماً وأبداً تكون عملة الاحتياطي الدولي والتبادل التجاري العالمي عملة القوة العظمى في هذه الفترة». السبب الثالث بحسب الخبير الاقتصادي هو أن الاتحاد الأوروبي يعتمد استراتيجياً وعسكرياً على الولايات المتحدة، ما يعني أنه ليس لديه القوة العسكرية اللازمة لحماية ذاته وعملته.وقال أنيس إن السبب الرابع هو «اعتماد الاتحاد الأوروبي اقتصادياً على تصدير منتجاته للآخرين، وبالتالي الآخرون هم من يؤثرون في معدلات نموه وليس سوقه المحلي على عكس أميركا التي تعتمد على سوقها المحلي». وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي تراجعت حصة الدولار في الاحتياطيات الدولية إلى 58 بالمئة في عام 2024 وهو أدنى مستوى منذ عقود، وكانت حصة الدولار من الاحتياطيات تبلغ 70 في المئة في عام 2000.أما اليورو فبلغت حصته من الاحتياطيات الدولية في عام 2024 بحسب صندوق النقد الدولي 20 في المئة، وكانت صحته تبلغ 18 في المئة في عام 2000، وسجل اليورو أعلى حصة له في الاحتياطات الدولية في عام 2010 عندما بلغت 26 في المئة.في ما يتعلق بالمعاملات اليومية تبلغ قيمة التعاملات بالدولار 6.6 تريليون دولار، فيما تبلغ التعاملات اليومية باليورو نحو 2.3 تريليون دولار.وأدت السياسات الاقتصادية الأميركية المتقلبة إلى تراجع الثقة في الدولار، ما دفع العديد من المستثمرين العالميين إلى تقليص حيازاتهم من الأصول المقومة بالدولار خلال الأشهر الماضية، لكن بدلاً من التوجه إلى عملة بديلة، لجأ الكثيرون إلى الذهب بسبب غياب خيار واضح.