هيئة تطوير عسير: زيادة الاستثمارات بالمنطقة والتركيز على استدامة النجاح

حين تصفها السلطات بأنها “أرض الفرص”، يبدو للوهلة الأولى أن منطقة عسيرفي السعودية قد دخلت مرحلة جديدة من الازدهار. مشاريع تُعلَن بالمليارات، ومبادرات تتنقل بين حماية الطبيعة وإنعاش الاقتصاد.
وقال هاشم الدباغ، الرئيس التنفيذي المكلف لهيئة تطوير عسير، للـ CNN الاقتصادية خلال منتدى الاستثمار في عسير الذي عقد بين 27-28 من شهر مايو الجاري إن التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا إذا وضعت الإنسان في قلبها، وحافظت على الأرض، وخلقت اقتصادًا مستدامًا.
وفق تقرير هيئة تطوير عسير يشعر نحو «92٪ من الأهالي بالفخر لإنتمائهم إلى هذه المنطقة إلا أن 41٪ منهم مستعدون للانتقال إلى مناطق أخرى بحثًا عن فرص اقتصادية غائبة». هذه المفارقة تعبّر عن حقيقة عسير: منطقة ذات انتماء عاطفي عالٍ، ولكن بواقع اقتصادي غير متكافئ.في محاولة لتغيير هذا المسار، أطلقت هيئة تطوير منطقة عسير استراتيجية قائمة على التوازن بين النمو والتنمية. وتستهدف وفق بيانات الهيئة المنشورة إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 67 مليار ريال بحلول 2030، مع مساهمة إضافية من المشاريع الاستراتيجية بقيمة 4 مليارات ريال، ومعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.8%.. وأكد هاشم الدباغ أن العمل يجري وفق خطة متكاملة، تجمع بين رفع كفاءة البنية التحتية، وتفعيل الاقتصاد المحلي، وتحفيز الاستثمار المستدام.ثلاث ركائز والرؤية واحدةففي زمن تتسابق فيه المناطق على كسب الاستثمارات، تبرز عسير بوصفها استثناءً. ليست مجرد مشروع تنموي آخر، بل مشهد حيّ لتحول استراتيجي يقوده توازن دقيق بين البيئة، الإنسان، والاقتصاد. وشرح الدباغ أن التنمية في المنطقة ليست تكرارًا لنمط سابق، بل إعادة تعريف لما يمكن أن تكون عليه التنمية الفعالة والعادلة.وشرح ارتكاز استراتيجية عسير على ثلاث دعائم متكاملة: حماية الموارد الطبيعية، رفع جودة حياة السكان، وتأسيس اقتصاد محلي قوي ومتنوع.«نحن لا نطور أرضًا فحسب، بل نعيد بناء العلاقة بينها وبين من يعيش عليها» أضاف الدباغ.كما أشار إلى أن الهيئة تعمل على “استقطاب استثمارات نوعية وتوزيعها جغرافيًا بعدالة، مع التركيز على قطاعات واعدة كالقطاع السياحي بكافة سلاسل امداداته استثمارات مؤثرة وأعلنت الهيئة خلال منتدى عسير للاستثمار عن استثمارات فعلية من القطاع الخاص تجاوزت 4 مليارات ريال سعودي، مع توقعات بتوسيعها إلى أكثر من 9 مليارات، إلى جانب مشاريع قيد الدراسة تصل قيمتها إلى 15 مليار ريال.وبلغ حجم الاستثمارات المعلنة في عسير 50 مليار ريال سعودي، وهي مقسّمة بالتساوي بين صندوق الاستثمارات العامة (PIF) تمويل حكومي مباشر لمشاريع استراتيجية واستثمارات من القطاع الخاص موزعة بين السياحة والبنية التحتية والقطاعات الخدمية.ومن المعول على هذه الاستثمارات أن تحقق نقلة نوعية في تاريخ المنطقة يعكس التزامًا حكوميًا بإعادة رسم مستقبلها الاقتصادي.وقال الدباغ أن الرؤية ترتكز على إعادة صياغة الهوية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة بالارتكاز على الأثر التأثير وليس فقط على الأرقام. وأفاد أن مشروع عسير يسير في انسجام تام مع رؤية السعودية 2030، لكنه يقدم مقاربة فريدة تمزج بين الحداثة والهوية بين السهول الساحلية والمرتفعات الجبلية. وتنقسم المنطقة إلى أربعة محاور تنموية، تم تصميم كل منها بما يتناسب مع بيئته وثقافته. «فنحن لا نبدأ من فراغ، بل نستثمر في الإرث، في التنوع الطبيعي، وفي الإنسان». والهدف ليس مضاعفة أعداد الزوار أو الاستثمارات فحسب، بل بناء تجربة إنسانية وسياحية وثقافية أصيلة.وهذا التوجه أدى إلى اهتمام متزايد من مستثمرين محليين ودوليين،ليس فقط لجاذبية العوائد، بل لجدية الرؤية واستقرار المنظومة.وأكد الدباغ أن مشاريع الهيئة التنموية الجديدة لن تتركز فقط في أبها وخميس مشيط، بل ستُوزع على أربعة محاور جغرافية تشمل البيئة الساحلية، الجبلية، الصحراوية، والوادي. ومع ذلك، لا يزال نجاح هذه الرؤية مرهونًا بقدرة الهيئة على تنفيذ السياسات على أرض الواقع، ومراقبة توزيع العوائد، وضمان إشراك المجتمع المحلي في جميع المراحل. فما يجري في عسير يمثل اختبارًا واضحًا لرؤية السعودية 2030 و قصة تنتظر اكتمال فصولها لتروي نجاح مشروعا تنمويا نموذجيا يعيد توزيع الثقل الاقتصادي جغرافيًا، ويربط الأطراف بالمراكز. ومع ذلك، لا يزال نجاح هذه الرؤية مرهونًا بقدرة الهيئة على تنفيذ السياسات على أرض الواقع، ومراقبة توزيع العوائد، وضمان إشراك المجتمع المحلي في جميع المراحل. فما يجري في عسير يمثل اختبارًا واضحًا لرؤية السعودية 2030 و قصة تنتظر اكتمال فصولها لتروي نجاح مشروعا تنمويا نموذجيا يعيد توزيع الثقل الاقتصادي جغرافيًا، ويربط الأطراف بالمراكز.